مجموعة قصصية

السبت، 27 نوفمبر 2010

فرار أنثى: tadwina-17247441-tadwina

فرار أنثى:
tadwina-17247441-tadwina
: "tadwina-17247441-tadwina"

قشطة: فرار أنثى: tadwina-17247441-tadwina

قشطة: فرار أنثى: tadwina-17247441-tadwina: "فرار أنثى: tadwina-17247441-tadwina: 'tadwina-17247441-tadwina'"

فرار أنثى: tadwina-17247441-tadwina

فرار أنثى:
tadwina-17247441-tadwina
: "tadwina-17247441-tadwina"

tadwina-13019081-tadwina

الأحد، 14 نوفمبر 2010






مقدمه

اكتب لأن الكتابة تمثل الترياق الذي يشفيني من أوجاع الحياة ، ويفرغ الشحنات السالبه التي تتنامي بداخل كل منا كلما تعرض لضربات قوية عبر مشوار حياتة ، وأنا حين أكتب أسكب بعضا من روحي عبر أحرفي ، وأحاول مزج عالم أحلامي بواقعي المعاش فتخرج الأحرف دوما مزيجا بين ما نتمناه جميعا وما هو واقع في حياتنا ، لكن بدون تضاد او تناقض بل هو نوع من فن الممكن الذي يضفي علي الحياة مسحة الأمل التي تمكننا من البقاء واقفين رغم القسوة التي نعانيها جراء تكالبنا علي الدنيا وسعينا الدؤب لنيل كل ملذاتها . ما يخصنا وماهو ليس بحق لنا ،
وأنا حين اكتب فهذا لاني كاتب لديه رؤيه خاصه...يعتبر إن المشاعر حين تمزج بالصدق وتغلفها غلالة من الأحاسيس فإنها تنبت في النفس أزهار الجمال وتعطي
للتواصل بين الأرواح مساحة رائعه للتناغم على المستوى الإنساني .

أشرف نبوي


طنط قشطه

لا أعرف بالضبط لماذا كنا نناديها بهذا الأسم , وهل لهذا علاقة بشدة بياض بشرتها وسمنتها المفرطة , أم أن هذا هو الأسم الحقيقي الذي أطلقة أبواها عليها ,
على كل حال فلنترك أمر هذا الأسم الأن ولنتعرف على صاحبته, سيدة أربعينية تزين وجهها دوما إبتسامه وضاءه , عينان ودودتان, بمجرد النظر إليهما , تستشعر أنك تعرف صاحبتهما من زمن , بساطتها تدخلك معها في حوار مباشر , مندفعه بعض الشئ برغم الهدوء الذي قد يشع من حولها , مثقفه بدرجه عاليه , تتابع الأحداث بشغف وتتفاعل مع كل حدث بطريقتها الخاصه , نشطة لحد مذهل , وبقدر إندافاعها وفرط نشاطها إلا أنها تهدأ بسرعه , حين تري إجتياح القوات الاسرائليه لغزه تنادي بمساندة أخوتنا في غزة ومقاطعه كل ما هو أمريكي , يحدث هذا صباحا , وتراها في المساء وقد جلست بأحد مطاعم الوجبات السريعه الأمريكيه والتي تهواها بشغف,
حين نشرت الصحف الدنمركيه الصور المسيئه لرسولنا الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) كانت أولى المناديات بمقاطعة بضاعتهم , لكنها لم تلبث كثيرا حتي عادت وبررت إستخدامها لبعض تلك البضائع , الضرورات تبيح المحظورات , وبعض هذه المنتجات في نظرها ضرورية ,
لم تحظ يوما بزوج رغم رقتها ودفء مشاعرها , حين تسألها أحداهن عن السبب , تضحك وهي تحاول مدارة حيرتها , مرجعة الامر للقسمة والنصيب, رأيها أن المرأه نصف المجتمع لكن يجب أن تكون السياده للرجل والقياده لسفينة الحياة يجب أن تناط به , لكن لا يمنعها رأيها هذا من الأنضمام لجمعيات حقوق المرأه ,
تعشق حب وطنها , لكنها ناقمه على كل الساسه , تظن أن التغير الجذري للقيادات الحإليه سيأتي بكل خير , لديها تصورها الخاص بمجتمع قائم على العداله والمساوة , لكنها لم تنخرط يوما في أي تنظيم سياسي او حزبي لتفعيل فكرها ,
تنصح كل رفيقاتها وبناتها في المدرسه الثانويه التي تعمل بها كمدرسه أولى للغة الفرنسيه بعمل حميه للمحافظه على قوامهن , وهي أولى المخالفات لتلك النصائح ,
تركيبه عجيبه من المتناقضات, لكنها تتمتع بحب كل المحيطين بها , وحافظة أسرار الجميع , الناصحه الأمينه التي يلجأ إليها الصغار والكبار, صاحبة كريزما خاصة , بناتها كما تحب أن تطلق هي على طالبات الصف عندها, يعاملنها بحب فائق يصادقنها , ويغتنمن كل فرصه للتقرب منها , كن طريقها إلى معرفة صفحات الأنترنت , والشات , من خلالهن عرفت عن الكثير من القضايا , وتفاعلت معها , كتبت وشاركت البنات أحلامهن , وشجعت الموهوبات منهن , روحها المغامره وجرائتها جعلت منها خير محفز لأستنهاض طاقات البنات , دلتها أحداهن على موقع شخصي يهاجم الحكومه , وينتصر لاحدي الصحفيات اللواتي أحتجزن ظلما , يجمعون التوقيعات لمناصرتها , كتبت بصدق رافضه الظلم , ومندده بما حدث , تكرر الموقف حين سمعت عن موقع يدعو إلى الأضراب العام, كتبت مشاركه ومسانده , لم تكن على درايه قويه بتكنولوجيا الويب , تسجل باسمها الحقيقي , وتذكر كافة البيانات بشفافيه ,
وصلتها رسائل تهديد , ورسائل أخري تحمل في طياتها سب وشتائم رهيبه, تجاهلت كل هذا , فوجئت بجرس الهاتف في ساعه متأخره, شخصا يهددها , ويتوعدها , أغلقت السماعه ,باتت ليلتها متيقظه, في الصباح طلبتها المديره , لمحت أثار الفزع والحزن على قسماتها , سألتها بحذر عن اخر إجازه قامت بها , لم تفهم المغزي , طلبت منها أن تقدم على إجازه , حين حاولت أن تفهم , لم تعطها الفرصة , ألمحت بأن عليها ضغوط , وأنها تفضل لو قدمت إستقالتها , فهي لا ترغب في وجود مشاكل, لم تستطيع أن تفهم , جلست في البيت أياما لا تدري أتبكي أم تكتم ألمها , زارتها بناتها , غضبن لما حدث , وعدنها بأن يكتبن عن ما حدث لها , وأن يستنصروا الوزير , تبسمت وهي تحذرهم من كتابة أي شئ , الأن على الأقل , مضت الأيام رتيبة , لا يكسر كآبتها سوي زيارات البنات لها من وقت لأخر , أقبالها على الحياة خفف من حدة محنتها , التي لم تعرف لأنتهائها تاريخا , أفاقت ذات صباح على جرس الباب , وجدتهن بصخبهن ومرحهن , أخبرنها عن مظاهره سيشتركن فيها للتنديد بالظلم والفساد , طلبن منها أن تخرج من عزلتها وتشاركهن, ترددت في البدايه لكنها وجدتها فرصه لأستخراج مكنون صدرها من الحزن المكبوت , هللن لموافقتها , وأتفقن على الحضور في الغد لأصطحابها , مكثن يصغن بعض العبارات الرنانه , وأتفقن على عمل بعض اللوحات المعبره عن غضبهن , تناست حزنها لوهله وهي تنصهر بين أفكارهن وحماسهن, في اليوم التإلى كانت على الموعد , خرجت معهن وكلها حماسه , أنضممن لجموع المتظاهرين , هتفت بأعلى صوتها , لم تشعر ألا وهي في مقدمة الصفوف , شعورها بالظلم كأن وقودا لمشاعرها,أزداد الهتاف , وتكاثرت الجموع أكثر فأكثر , أقتربن من سياج من رجال الأمن طوق المكان, لم يجفلن , تراجع السياج أمام ضغطهن خطوات , بصيحه من رئيسهم أرتفعت الهروات في الهواء , لم يتوقف الزحف , صرخة أخري جعلت الهروات تهتز في أيديهم بعنف فوق الرؤوس, تفرق البعض , وأنهارالبعض تحت وطأة الضرب الأعمي والأصم , بدأ رجال الأمن في إلقاء القبض على البعض , وتقيدهم وشحنهم في السيارات المنتظره , لم تدر إلا وهي ملقاة في زاويه إحدي سيارات الأمن , وفوقها ثلاث بنات قد خضب الدم وجوههن, في ظلمة السجن جلست تبكي بحرقه , لم يتوقف دمعها , إلا بمواساة أحدي زميلاتها في الزنزانه ذكرتها بعدل الله وأن ما هم فيه أنما هي محنه من الله , أطمئنت لحديثها وهدأت نفسها قليلا , في الصباح أفاقت على أسمها ينادي , نظرت بصمت إلى الضابط , شعرت بكراهيه لم تستشعرها يوما, تبسم في تشفي وهو يوجه لها الأسئله , لم ترد على أغلب الأسئله , كانت نظرات الأحتقار والأزدراء تملؤه غضبا عليها فيشير لأحد زبانيته أن يلطمها , حين أعادها إلى الزنزانه كانت دموعها تغطي قسماتها, أحتضنتها رفيقتها في حنو , ربتت على ظهرها همست في ود أصبري أقترب يوم القصاص , لم تفهم ما تعنيه , مكثت في حبسها عشرون يوما , ذاقت فيها صنوف الذل والهوان, حظها العاثر أوقعها مع ضابط بلا ضمير , يتسلي برؤية الدم والدموع , يعتبر كل خارج عن السلطه وأوامرها مهما كان , خائنا يجب النيل منه, بأسإليب قانونيه أو قمعيه لا يهم , قضت ليإليها دامعه ذاهله , وأيامها ذابله متألمه بين أسإليب مهينه في التحقيق , وسيل من الإهانات والتعذيب ,لم يخفف عنها الا حديث زميلتها التي عرفت فيما بعد أنها صحفيه في جريده معارضه للسلطة , وأنها منتميه لجماعة تدعو إلى الحريه والديموقراطيه , كما حاولت أن تشرح لها أهدافهم ورغبتها في أن تصبح واحدة منهم تناضل من أجل الوطن وتحريره من الطغيان , كأنت تستمع إليها وتناقشها أحيأنا في محاولة لقتل الوقت ,لم تكن مقتنعه تماما بما تناقشها فيه , وبما تحاول أن تقنعها به وهو الإنضمام إليهم في سعيهم إلى إحداث تغييرولو بالعنف طالما أن الوسائل السلميه لم تفلح , تعددت جلسات التحقيق , لم يصل معها الضابط لشئ يدينها , جاءته الأوامر بالافراج عن كل من أعتقلهم , خرجت أنسانه أخري غير التي دخلت, مرتابه في كل من تقابله, زائغة النظرات, مرتبكة الفكر , لا ترد على الهاتف, لا تستقبل أحد في بيتها , قاطعت الجيران , وأنقطعت عن بناتها , عبثا حاولن أنتشالها من حزنها , كانت الأسئله بداخلها كثيرة , وعلامات الأستفهام لا حصر لها , لماذا يحدث لها هذا ؟ وكيف يكون الحوار هكذا القلم ترد عليه العصا ؟ والقوه تتصدي لأي رأي؟ كأنت تظن أن العالم ليس بهذا السواد ، ولم تسكنه الظلمه بتلك القسوه , خوفها على بناتها أن أقتربن منها , جعلها تتأني في إعادة علاقتها بهن , حاولت استعادة وظيفتها , كتبت للجهات المعنيه , طال أنتظارها , حاولت شغل وقتها بالكتابة , راسلت بعض الصحف , نشرت قصتها إحدي الصحف ، قصدت مبني الصحيفه لتشكر المحرر , فوجئت برفيقة زنزاتها , تبسمت وهي تهم بالجلوس , تجاذبا أطراف الحديث , أنصرفت على وعد بلقائها , بعد عدة لقاءات عرضت عليها الإنضمام إلى جماعتها , شعرت بأنه ماعاد شئ تخسره , وافقت .
نشاطها وإخلاصها جعلها تتقدم الصف , في أشهر قليله أنضمت لقيادة المجموعه , تعلمت الكثير عن قضايا الوطن , وكيف تدار الأمور لمصلحة ثلة قليله منتفعه , لا يهمها سوي مصالحها , قرأت الكثير من الملفات , تعرفت على الوجه الأخر لهؤلاء المتشدقين بحب الوطن أمام الشاشات , وكيف هو فسادهم وأفسادهم الذي طال شتي مجالات الحياة , حين أفاقت ذات يوم ونظرت في المرآه سرت بجسدها قشعريره , لم تعرف وجهها في المرآه , لم تكن ذات المرأه.

تمت



















لا أريد القمر
كان النهار قد قارب على الانتصاف وهو مستلقي فوق السرير محملقا في السقف بلا تركيز ، يتابع في إنصات تداخل ضجيج الباعه بأصواتهم المتحشرجه مع طنين الذباب الذي إزداد عدده عبر نافذته التي تطل بأرتفاع أقل من مترين على الشارع ، إلتفت ببطء جهة النافذه لمح تطاير أوراق الملوخية التي وضعتها زوجته لتجف بالأمس قبل أن ترحل، نمت على شفتية ابتسامة سخرية غلفتها مرارة ألم عبر نظراته المنكسرة
لم تكن حياتة مثالية ولولا بعض الأيام التي كان يجد فيها عمل عند هذا أو ذاك لما صبرت زوجته علية طيلة ست سنوات ، وهو كثيرا ما كان يذكر لها هذا وهو يهمس في لياليهم المميزه بأنها بنت أصول ومن بيت طيب ، وأنه سيعوضها عن صبرها على حالهم ، كانت تنتشي لسماع تلك الكلمات ، وإن كانت في قرارة نفسها تدرك أنها كلها وعود لن يتحقق منها شيئ ، ورث عن جده الكبير حبه للقراءة وحرفية التعبير عن ما يجول بخاطره ببراعه ، وقد كانت تلك المزيه تدر عليه أحيانا بعض الرزق لكنه رزق متقطع ، حين يعجز أحدهم عن صياغة خطاب أو كتابة شكوى ،
حتي أتي هذا اليوم الذي حضر فيه ندوة بأحد المقاهي لأديب شاب ، كان يحاول أن يجذب الإنتباه لروايته التي نشرها قبل شهر وحققت بعض النجاح ، وأسهب في وصف أثر الرواية والتجديد الذي أحدثة ، وقام بتوزيع بعض النسخ على الحاضرين ، كانت إحداها من نصيبه ، حين قرأها أدرك إنه بوسعه هو أيضا أن يكتب فهو أفضل بكثير من هذا المهرج الذي ظل يتحدث بتقعر قرابة الساعتين ، ولم يقل شيئا ، بدأ يخط روايته الاولى بهمه ، لم تعهدها زوجته فيه ،و لم يكن يلتفت لحديث زوجته المحبط كلما رأته جالسا وبيده الأوراق والقلم ، فقد كانت تحثه دوما على ترك هذا الهراء والبحث عن عمل ، وهو كان يرد أحيانا وفي أحيان اخري يكتفي بالنظر إليها شذرا وهو يكيل لها تهم الجهل والغباء ،
لم يمض شهرين إلا وكان قد أنتهي من سطر روايته الأولي ، حملها بين يديه فرحا وأخذ يقبل أوراقها وهو يحلم بأن تحقق له المجد والثراء ، أما زوجته فقد كانت تنظر إليه وهي تمصمص شفتيها وتبتسم بسخرية ، لكن تلك النظرات لم تكن تزيده إلا تصميما ، حمل روايته وذهب إلى دار نشر نظر إليه صاحبها في إحتقار وهيئته الرثة تنبيء عن ما يحملة ، ضحك بسخرية وهو يقلب في الاوراق ثم أعادها إليه وهو يعتذر ، لم يياس أمضي شهرا في البحث عن دار نشر تقبل روايته ، وبدلا من طلبه ثمنا لروايته في البداية ، أصبح يطلب نشرها وأخذ نصيبه من ريعها بعد البيع ، ثم تطور الأمر إلى إنه بدأ يطلب مجرد نشرها وتنازله عن جميع حقوقه ، كان يحلم بأن يكتب غيرها المهم أن تحقق له هذه الرواية معرفة لدي الجميع بقدراته التي كان يؤمن بها ،
في النهاية نصحة أحدهم بأن يقوم هو بنفسه بتحمل تكلفة النشر كاملة وإذا نجحت روايته فان طبعة ثانيه أو رواية أخري ستعوضه ، سمع النصيحة وقد خاب أمله ، فمن أين له تكاليف الطباعة ، وهو بالكاد يجد ما يسد رمقه هو وزوجته وولده ، حمل أوراقة وعاد إلى بيته ، ألقى بالاوارق في زاوية الحجرة ، ومكث حزينا عدة أيام ، كانت زوجته خلالها تخفف عنه تارة ، وتحفزه تارة لإيجاد عمل يكفيهم مذلة السؤال وتكفف الجيران ، ولا تنسي تذكيره بأنها كثيرا ما نصحته أن يلتفت لعمله ويترك تلك الوساوس ، لكنه وكما تعاتبه دوما صوته من رأسه ولا يستمع للنصح أبدا.
مضت أيامه كئيبة يعمل يوما وأياما لا يجد ما يكفيه هو و زوجته وأبنه الوحيد ، كان الحزن يعتصره ، والألم يلفه حتي في تلك الليإلى التي كان يجلس مع زوجته وولده لمشاهدة التفاز القديم الوحيد من طرازه على مستوي البسيطه ، والذي كان مثار تعليق زوجته المستمر ولمزها دوما بأن المتحف أولي به من بيتهم ، حتي في تلك الليالى كان يبدو ساهما مكفهر الوجه ، وهو يحاول أن يجد سبيلا لتحقيق حلمه الذي أمن به وهو أن يصبح كاتبا وتنشر روياته ويحقق حلمه بالثراء من بيعها ،
حتي أتي يوما وهو يشاهد التلفاز وجد أعلانا عن مسابقة للرواية جائزتها ماليه ، أعتدل في جلسته ، أصاخ سمعه ، قام إلى الاوراق وبدأ يكتب العنوان ، نظرت إليه زوجته في تعجب وهزت رأسها في أسى وهي تتحسر على عقل زوجها ، لم يعرها أهتماما ، في صباح اليوم التالى توجه إلى العنوان وقام بتقديم روايته ، أستلمتها الموظفة بأمتعاض ، سألها بلهفة عن تاريخ أعلان النتيجه ، ردت بأقتضاب سيعلن عنها في التلفاز ،
ظل ينتظر كل ليلة تحقق حلمه ، حتى أتت ليله وهو جالس يحتسي الشاي مع زوجته وجد تنويه عن نتائج المسابقة ، هب واقفا اقترب من التلفاز وهو يحدق مشدوها ، لقد فازت روايته بألف جنيه ، لم تصدق زوجتة نفسها ، قام إليها يحتضنها ويقبل أبنه وهو غير مصدق ، رقص فرحا ودمعت عيناها وهي تري لأول مره منذ زواجهما الحظ يبتسم لهما ،
باتت ليلتها تحلم بشراء كل ما حرمت منه ، وكل ما تمنت أن تشتريه لولدها ومنعتها الفاقة وضيق ذات اليد ، وعلى مقربة منها نام زوجها وعقله يعانق الحلم الذي سيطر عليه وهو أن ينشر روايته لقد واتته الفرصه ، ليحقق حلمة في الشهرة والثراء ، وغير بعيد كان أبنهما ينام قرير العين ، تلتقي أحلامهما فوق رأسه رغم تعارضها من أجل مستقبله .
حين فتح عينيه في الصباح وجد زوجته قد أعدت له فطورا بسيطا ، ربتت على صدره وهي توقظه ، أبتسم متعجبا في سعادة ، فهو لم يتلقى منها مثل هذه المعاملة منذ مرور شهر العسل وحتي اليوم ، أعتدل جالسا قبلها فوق وجنتها وهو يلمح كوب الشاي الذي حملته بيدها ، وهي تحثه على سرعة النهوض قبل أن يبرد ، قام متثاقلا غسل وجهه وعاد منتعشا ، جلس يحتسي الشاي وهو يتناول فطوره ، كانت تلقمة بيدها كلما توقف عن الأكل وقد لاحظت شروده ، سالته فيما يفكر؟ ومتي سيذهب لإستلام جائزته ؟ وهل ستأتي معه ليشتروا في طريق عودتهم كل ما هم بحاجه إليه ؟ كانت اسئلتها متلاحقه وهي تغسل أوراق الملوخيه ، ثم تنثرها فوق صفحة الجريدة لتجففها ، أما هو فقد كان ساهما لم يرد ، ذفر تنهيدة من صدره وهو يهم بالحديث ، كان يعلم أن ردة فعلها ستكون شديده فقد انتظرت هذا إليوم كثيرا ، حلمت بأن يكون لديهم مبلغ كهذا المبلغ لتحقق بعض أحلامها وهاهو يهم بأن يجهض كل أحلامها بكلمة ، تردد قليلا وتنحنح ، ثم ازدرد ريقه وهو يشير إليها ان تناوله كوبا من الماء، وضع الكوب بجواره ، ثم قال بصوت متقطع ربما سنؤجل شراء ما تحتاجينه لبعض الوقت ، لطمت صدرها بيدها وقد تفاجأت من حديثه ثم صاحت مستفهمه عن السبب ، أطرق للأرض وبصوت خفيض همس ساطبع الروايه ، لطمت خدها ولعنت حظها وهي تهدده بترك البيت في حال أصر على موقفه ، أغمض عينيه ولم يجب ، شعرت بأنه مصمم على ما أخبرها به ، لملمت ملابسها القليله ، أمسكت بيد ولدها الذي كان قد استيقظ على صراخها ، وخرجت ساخطة من الباب وقد أختلطت دموعها بندبها لحظها العاثر ، اما هو فقد أرتدي ملابسة في هدوء ، وخرج حاملا روايته ،
عند الظهيرة كان قد اتم ما عزم عليه إستلم المال ودفعه إلى إحدي دور النشر مع روايته ، طمانه صاحبها إنه في غضون أسبوعين ستكون الروايه بين يديه ، وعرض عليه أن يقوم بتوزيعها نظير نسبة ، كانت مشاعرة متضاربه وهو يشعر بأنه قريب من تحقيق حلمه ، وفي الوقت ذاته يشعر بالم فراق زوجته ، ألقى بجسده على السرير وقد جافاه النوم طول الليل ، وهاهو إليوم يفيق متذكرا كل ما دار بالأمس وكانه حلم ، تحسس وجهه كأنما يتأكد أنه مستيقظ ، قام إلى النافذه ، ابتسم وهو يرى الكل منشغل بعمله ، وتصايح الصبيه ذكره بولده ، خطا إلى ركن الحجرة جلس ساهما حزينا ، تناول القلم وقد واتته بعض الأفكار ، جلس يخط ولم يشعر إلا وقد أظلمت الحجرة بعدما أطل الليل ، شعر بالجوع نظر إلى الطاولة وجد كسرة خبز جافة تناولها ثم تبعها بكوب الماء الذي أحضرته له صباح الأمس ، أوى إلى سريره وقد أنهكته الوحده وفت الألم في عضده ،
أمضي الأسبوعين على تلك الحاله ، بعدما رفضت زوجته العودة ، وسمع تأنيب والدتها التي أتهمته بالأنانية والجحود ، كعادته كان يصحو ليبحث عن أن أي سبيل للرزق ، وإذ لم يوفق عاد إلى أوراقه وقلمه ، يمضي النهار هكذا فإذا أطل الليل تكوم على سريره وحيدا ، منصتا للصمت الذي كان يلف المكان بعد أن تهدأ حركة الماره بالشارع ، كان يمني نفسه كل ليله بنجاح روايته والثراء الذي ستدره عليه ، وكان عازما أن يحمل كل ما سيحصل عليه ويلقية بين يدي زوجته ، علها تصدقه وتؤمن بموهبته ،
حين أستلم أولي النسخ نظر إليها باعتزاز وفخر ، قلبها بين يديه ثم ضمها لصدره ، لمح الناشر الفرحه في عينيه ، همس ما رأيك ؟ هل نبدأ في التوزيع ؟ , اومئ إليه موافقا وانصرف بعدما أخذ بعض النسخ ،كان يود لو يعطي كل من يقابله نسخه وهو يصيح هذا أنا هذه روايتي ، فكر أن يذهب إلى زوجته لكنه تراجع فهي لا زالت غاضبه ، وقد عزم ألا يذهب إليها إلا وبيده أكثر مما كانت تحلم به من مال أذن لينتظر بيع الروايه ،
مرت الأيام تباعا وهو على حاله ، وإن ازداد شوقه إلى زوجته وولده ، بدأ إليأس يتسرب إلى نفسه ، كلما ذهب إلى الناشر يسلمه بضع جنيهات ، معتذرا بأن روايته لا تحقق الكثير ولا يباع منها إلا القليل ، شعر بأحباط ، لم يعد يهتم بالكتابة كما كان ، خجل من نفسه وشعوره بالتقصير في حق ولده وزوجته يكاد يخنقه هداه تفكيره للبحث عن عمل دائم ، راقته الفكره .
أمضى يومان يبحث بلا جدوى ، لكنه كان مصمما هذه المرة على إيجاد عمل يضمن به عودة زوجته وولده الذان افتقدهما كثيرا ، في إليوم الثالث لمح أعلان لأحد المصانع تطلب عمالا ، تقدم وهو يتضرع لله أن يوفقه للحصول على هذا العمل ، حين أستلم قرار التعين كاد يغشى عليه من شدة الفرح ، بعد شد وجذب عادت زوجته من بيت أهلها ، كانت تؤنبه طوال طريق عودتهم ، وكان هو يبتسم وينظر إلى الأرض ، حين ضمتهم الغرفة ، حاول أن يشرح لها ما فعله ولماذا ؟ ، لم تقتنع لكنها دارت ابتسامة رضا وهو يقسم لها أنه يحبها ويتمني لو يحضر لها قطعه من القمر ، همست ضاحكه لا أريد القمر كنت أريد فقط ملابس لي وللولد ، ربت على كتفها وهو يقبل رأسها ، أكملت كنت أريد أن اشاهد الممثلين ألوان ، أن نتعشي اذا تغدينا ، ضمها برفق وقد دمعت عيناه ، نام بجوارها وقد وسدها ذراعه ، حملقا في سقف الغرفة ، وقد أنصتا لضجيج الأصوات المنبعثة من الشارع ، أغمض عينيه في راحه ، أما هي فتبسمت وهي تتخيله يقدم لها قطعه من القمر.

تمت










نداء الجسد

تحت أشعة شمس حانيه على أحد شواطئ الغردقه تمدد محمد بقامته الفارعه واضعا قبعه كالتي يرتديها السائحين الاجانب فوق وجهه متقيا بها أشعة الشمس ، ومواصلا قدح فكره فيما سيؤل إليه أمره ،، قطب ما بين حاجبيه وهو يحاول حساب المده التي مكثها هنا ،، نعم سنه وتسعة أشهر ،، لم يستطيع أن يدخر خلالها إلا القليل ،، وليس كما كان يحلم حين غادر قريته الصغيره ، يومها عزم على مواصلة العمل ليل نهار لتوفير ثمن تذكرة السفر إلي أحدي الدول الأوربيه ،، ودفع تكاليف التأشيره لمكتب السياحه الذي يوفر تلك التأشيرات ،، صديقه الذي عاد بعد سنه كان يرطن بعدة لغات كما أخبرته أمه حين حضر للسلام علىه ،، بعدما جمعتهما جلسة طويله رسخ في قناعته أنه لابد أن يسافر ،، كل حلول مشاكله هناك ،، لكن من أين له تكاليف السفر ،، هداه تفكيره إلي العمل في القري السياحيه ،، يحكي بعضهم عن يسر العمل هناك وكثرة المال ،، أتخذ قراره بسرعه ،، لم يمض وقت حتي إلتحق بوظيفة بإحدي القري السياحيه ،،ساعدة إتقانه لعدة لغات،، أقلقته في البداية مظاهر العري والصخب والمجون الذي يمارسه السياح ،، والذي يختلف كليا عن بيئته الريفيه المحافظه ،، لكنه وبعد أيام قليله وجد نفسه مندمجا ومتوافقا مع كل ما حوله ،، عمله يبدأ مع غياب أخر ضوء للشمس ، أما النهار بطوله فهو ملكه يفعل فيه ما يشاء ،، كان يمضي ساعات النهار الاولي مستلقيا أمام البحر ،،

أفاق على صوت رقيق يسأله في نعومه أذا كان يتحدث الألمانيه ،، أزاح القبعه من على وجهه وألتفت إلي الصوت ،، وجد أمراة في بداية العقد الخامس ،، لم تستطع السنين أن تواري جمالها الأخاذ او تغير من جمال ورشاقة الجسد الفتان ،، تبسم وهو يرد علىها بالألمانيه ،، تهلل وجهها وهي تري أخيرا أحد يتكلم لغتها ويفهمها
سالته عن أسمه وأين تجده حين تريده ،، ودعته بأبتسامة وهي تغادره عائدة إلي حجرتها المقابله للشاطئ،، تذكر وجه حبيبته التي تمت خطبتها قبل أشهر بعدما فشل في إقناع أهلها بالموافقه على الخطوبه وهو العاطل عن العمل،، أبتسم في يأس وهو يحدق إلي الموج ،،

بعد إنسحاب اخر ضوء للشمس تاركا لليل البراح كي يمارس مع عشاقة أقصى طقوس الصخب والأنفلات كان محمد يراوح بين الحضور ملبيا طلبات الجميع في خفة ،، بأبتسامته الصافيه وجسده المتناسق ، سمار بشرته المحبب ،، كان مقربا من الجميع خاصة وأنهم يستعينون به حين تعجز الألسن عن التلاق ،، فيسرع هو لفك شفرتها بمهارة وذكاء ،، لمحها أثناء مروره بين الحشود نادته بلكنه غربيه أبتسم وهو يتوجه إليها ،، قدمته الي الجالسين معها بفرح وهي تخبرهم إنه يتحدث الألمانيه بطلاقه بجانب لغات أخري ، دعته أن يشاركهم جلستهم ، أقترب إليها وهو يهمس انه في وقت العمل ، أومأت برأسها متفهمه ، ثم أشارت إليه أن يقترب همست له أريد أن أراك بعدما تنتهي من عملك ، وافقها بأيمائه وهو يهم بالانصراف ،، كان قد تعود على مثل تلك الدعوات وفي غالبها ينسي أصحابها الموعد بعد أن تكون رؤسهم قد أثقلها الشراب ،،

حين أنتهي عمله برحيل الليل بدل ملابسة وأتجه صوب الشاطئ كعادته ،، شبك يديه خلف رأسه وأستلقي في مواجهة البحر ،، مضت دقائق قبل أن يستمع لصوتها من جديد ، سألته بنيرة عاتبه أين أنت ألم نتفق على اللقاء ،، أعتدل وهو يتمتم بالأعتذار ،، سحبت أحد الكراسي قربه وجلست في مواجهته ،، نظر إليها هنيه وفغر فاهه عن إبتسامه وهو يلمح جمالها الذي عاند مرور الأيام وأستقر ببهاء تحسدها عليه بنت العشرين ،، بدهاء الأنثي أحست بالرغبة التي تملكته وهو ينظر إليها ، تصنعت تجاهلها لنظراته النهمه ، نظرت إلي البحر وهي تتمتم تملكون هنا في بلادكم أجمل الشواطئ وأفضل طقس ، أبتسم وهو يومئ موافقا ثم أردف ، لكنكم في بلادكم إستحوذتم على الجمال البشري كله ، إلتفتت إليه وهي تبتسم وقد همت بخلع ملابسها متساءله إن كان يجيد السباحه،، هب واقفا وهو يمسك بيدها الممدوده صوبه ،، خلع قميصه وأتجه معها إلي البحر تعمدت أن تسبقه بخطوات ، ولم يفوت هو الفرصه مرر ناظريه على الجسد البض الذي يتمايل أمامه في غنج ،، لم تمنعه كلمات والده الأخيره له عندما قرر السفر حين همس له أحفظ الله يحفظك وتذكر أنه مطلع علىك دائما ،، وقتها مال على يده يقبلها لكنه لم يكن يصغ جيدا لأحرفه ،، أستمرت عيناه في معانقة جسدها شبه العاري حتي أختفي بين الأمواج وهي تدعوه أن يلحقها ،، ألقي ورائها بجسده ، غمرهما الموج وكانت البداية،،

أعتاد محمد أن يذهب يوميا بعد أنتهاء عملة إلي حجرتها ،، يمضي نهاره على سريرها وهي تدللة ، حتي موعد عمله فيغادر متكاسلا وهي تحاول جاهدة ألا يتركها للحظه ،، لم يمض وقت طويل حتي ترك عملة بعدما أخبرته بأنها ترغب في أصطحابة معها لوطنها ،، لم يصدق في البداية ،، لكنه أيقن جديتها في الأمر بعدما تكرر سؤالها له عن موعد إستلام جواز سفره ، كانت نقاشتهما العابره في هذا الموضوع تجعله غير قادر على وضع تصور كامل لقرار كان قبل أشهر يعتبره قرار مصيري ،، لقد كان يرتب للسفر لكنه سفر لتحقيق طموحه ، لبناء مستقبله ماديا ، أما الأن فالوضع مختلف ،، سيكون مرتبطا بها وبطموحاتها ، لقد وعدته أن يدير لها كافة أعمالها ،، يستشعر صدقها فهي عاشقة ،، لكنه كان يتساءل أين هي مشاعره الأن ؟،، هل هي مجرد نزوة ،، أم تراه قد تعلق بها وبدأ يحبها ،، لم يدر بالضبط أين هو ،، وماهي مشاعره ،، برغم جمالها الآخاذ ، وفتنة جسدها الطاغيه ، إلا إن هذا لم يخف فارق السن بينهما ،، هل سيوافق والده على زواجه منها ؟ ،، ومن سيخبره أصلا ،، حاصرته الأفكار وتردد في أتخاذ قراره،، شعرت بتردده ولم ترد أن تضغط عليه ،، تعرف أنه سيتخذ قراره في النهاية ،، هو فقط يحتاج لوقفتها بجانبه ،، يحتاج إلي الشعور بالأمان الذي سيساعده لتغيير مجري حياته ،،

في ليله صافيه مقمرة جلست في أحضانه على شاطئ البحر وقد أحتواها بذراعيه القويين ، كانت تغمرها السعاده وهي تستشعر دفئه وحنانه ،، همست في دلال لقد أقترب موعد سفري ، وأنا أشعر أنك لست مستعد بعد لمغادرة وطنك ،، وأنا لا ألومك ، ولن أضطرك للمغادرة فأنا اريدك معي لنستقر هناك وتباشر كل أعمالي هناك ،، أريد أن أكمل حياتي بجوارك ،، تلعثم وهو يحاول أن يذكر بعض الأسباب والحجج ،، وضعت يدها على شفاهه وهي تلقي برأسها على كتفه وتهمس وقتما تجد نفسك راغبا في السفر أتصل بي وسأقوم بكل شيئ لتيسير حضورك
توقفت الكلمات بحلقة ،، ضمها بشدة وغرق معها في قبلة طويله،،

في صباح اليوم التالي وجدها جالسة قبالته في كامل زينتها وهي تطالع وجهه وهو نائم ،، فتح عينيه بصعوبه مد يده إليها أمسك بيدها قربها من فمه وقبلها مرت بأصابعها خلال شعره وهي تنظر إليه بوله ورقه ،، مدت يدها لحقيبتها ،، أخرجت ورقه صغيره قدمتها إليه ،، فتحها برفق أصباته دهشة وهو ينظر إليها ،، سألها ما هذا تبسمت وهي ترد هذا شيك بثلاثين ألف دولار ،، رد ودهشته مازالت تعانق تعبير وجهه أعرف قيمتها ،، قاطعته اعتقد أن هذا المبلغ كاف لبدأ مشروعك الذي حدثتني عنه يوما وحلمت بتحقيقه حينما يتوافر لك المال ،، أعتبرها هدية من صديق يحبك ،، سلفة من حبيب أمضي معك أجمل أيام عمره ،، لا أريد أن أرحل وأتركك وحدك هنا لهمومك ألم أكن سببا في تركك لعملك ،، ولا أريد أن أجبرك برحيلي على السفر خلفي دون رغبة أكيده في البقاء معي ،، كعادته لم يحر جوابا ،، وترك لعينيه مسؤلية الرد..

يوم رحيلها شعر بأنقباض قلبه ،، أراد أن يثنيها عن السفر ،، أبتسمت وهي تعتذر بلطف ، وتذكره بأعمالها التي أهملتها طيلة فترة أقامتها معه ،، أذعن للأمر ،، ودعها وهو لايدري أين سترسي سفينة أفكاره ،، تركتة أسبوعا قبل أن تتصل به لتطمئن علىه ،، كان قد رتب أفكاره قليلا ،، أخبرها أنه شرع في تنفيذ مشروعه وسيطلق أسمها علىه - كاترين نت كافيه- شجعته بفرح وهي تبثه شوقها إليه ،، حين أبصر مشروعه النور كان قد مضي على سفرها خمسة أشهر ، لم ينقطع يوما الأتصال بينهم ، أطمئنت إلي مشاعره تماما ،، وعرف هو أنها قدره ،، وشعر بحبها يتملك كيانه ،،

حزم حقائبه متوجها إلي قريته ،، كان يدرك صعوبة قراره ،، لمح والده القلق يجول في خاطره ،، أصطحبه في نزهه خارج الدار ،، لم ينبت ببنت شفة طوال طريقهم ،، ربت والده فوق كتفه وهو يهمس ألن تبوح بمكنون صدرك ، ذفر أهه وهو يهم بالحديث ،، أستمع والده دون أن يقاطعه ،، حين أنتهى شعر بأن الثقل ألذي كان ينوء به صدره قد أنزاح ،، ألتفت إلى والده المستغرق في التفكير ،، أبتسم بحكمة السنين الموسوم بها وجهه ،، وهو يرد في حزن أظنك قد أتخذت قرارك ،، فلا فائدة من أعتراضي الأن ، أبتلع ريقة بصعوبه قبل أن يحاول الدفاع عن نفسه ،، عاد والده للنظر إلي الأفق وهو يتمتم ،، لم تعد صغيرا ،، لكن تذكر أنه أختيارك أنت وحدك وأنت من سيتحمل كل نتائجه ، لن أملك لك سوى الدعاء ،، ولن أكرر ما قلته لك سابقا أحفظ الله في نفسك ودينك ،، هوى إلي يد والده يقبلها ،، مسح رأسه بيده وهو يبرت بالأخري على كتفه ،

نام ملئ جفونه تلك الليله ،، بعدما هاتفها مبشرا بقدومه ،، لم تمض عدة أيام إلا وهي تخبره بموعد حضورها لمصر مع كل الأوراق اللازمه لسفره ،، فكر أن يغلق المشروع الذي بدأه ،، رفضت وهي تذكره بأنهم سيكونون على موعد دوما مع مكان لقائهما الأول ،، تمت مراسم الزواج ببساطة وغادرا إلي موطنها في نفس اليوم ،، لكنه لم يشعر بتلك الفرحة التي كانت تعانق خياله سابقا ،، حين كان يفكر في السفر ،

مرت سنواته الأولي رائعه ،، كانت تحوطه بكامل رعايتها ،، لم تشعره يوما أنه يعمل لديها ،، بل كانت تتفنن في أرضائه ،، والحرص على مشاعره ،، ذكائه وطموحه نقلهم من نجاح إلي أخر ،،رغم سمار بشرته إلا أنه نجح في الأندماج حتي ماعاد يشبه بني جلدته في شيء ،، كان كلما حقق نجاح تصر أن تصحبه إلي مكان لقائهما الأول ،، يمضون بضعة أيام كان يحرص خلالها أن يزور والده ،، فكر في أصطحابها مره لكنه تراجع في اللحظه الأخيره ،، أحترمت رأيه ورغبته ،، تسارع مرور الزمن وبدأت نضارتها تذبل أمام فتوته وأكتمال نضوجه ،، تلفت حوله لم يجد إلا عجوز تحبه ،، لكن سؤال والده الذي كان يطل من عينيه مع كل زيارة عن الحفيد الذي يحلم به ،، كان يؤرقه ،، حاول تجاهل الامر ،، والأنغماس في العمل أكثر فأكثر ،،

في ليلة مقمرة تشبه ليلة لقائهما الأول وجدها بأنتظاره في الشرفة ،، قبلها برفق وهو يسندها بيده ،، همست في ضعف ،، أنت اعظم شيء حدث لي في حياتي ، ضمها برفق بعد أن ألقت برأسها فوق كتفه ،، حسبها قد غفت لم يرد أن يوقظها ،، مكث ساعه ، حين مد يده إليها كانت يدها باردة ،، أسلمت الروح ،، بكاها في صمت ،،، واصل بكائه حتي الصباح ،، لكنه لم يكن يدري أيبكيها وحدها أم يبكي حاله ،،
بعدما أنهى مراس دفنها عاد إلى العمل ووحدته التي كتبت علىه ،، شعر بخواء ،، وجد نفسه مشدودا إلى السفر ،، لم يفكر طويلا ،، في الصباح كان قد وصل ،، ألقي بجسده على نفس الكرسي قبالة الشاطئ ،، مرت ساعات وهو يداري عينيه من الشمس بذات القبعه ،، مل من رقدته ،، كانت الشمس قد بدأت تميل إلي الغروب ،، قام يسير بمحاذاة الشاطئ ،، كان يستمتع بهبوط قرص الشمس في مياه البحر بهدوء ،، حين غرقت الشمس تماما كان قد وصل إلي نهاية الشاطئ ،، لمح فاتنه ممده على كرسي أمامه ، ألتقت أعينهما ،، أومئ إليها بالتحيه بادلته بأبتسامه باردة ،، سألها بعفويه ، هل تتحدثين الألمانيه ...
تمت
حين يرفض الجني

جلست في حجرتي البسيطه أعاند ذاتي قرابة الست ساعات ، أزرع الحجرة أيابا وذهابا تارة بقدماي وتارات بفكري لعلي أجدها لكن وبعد مرور الساعات فشلت ، مزقت أوراقي في غضب ، وقمت إلي نافذتي الصغيره في محاوله من محاولات الهروب المؤقت ، نظرت إلي الشارع وتبسمت ، شعرت بأني سيد العالم وكل من بالاسفل بحجم الذر ، أنتبهت لذاتي ربما هذا الشعور هو ما يعيقني عن تتمة حرف من أحرفي التي كانت طوع بناني دوما. أنطلقت أعدو هابطا صوب الشارع وجدتني مندفعا لمخالطة أرتال البشر التي لمحتها قبل قليل من نافذتي، ضوضاء ، روائح تختلط وأجساد تتدافع في لهاث ، منظومه غريبه غيبتني عن واقعي لدقائق قبل أن أندمج في تفاصيلها ،
عندها فقط نشط ذهني وبدأت أفكاري في الأنسياب كجدول رقراق وجدت الفكره بل أفكار عدة ، وكأن الجني المحبوس قد خرج بالف ألف فكره وألقاها تحت قدماي ، قادتني خطواتي إلي مقهي قريب ، بمجرد أن أستويت جالسا أخرجت أوراقي وقلمي ، شرعت في الكتابة ، وقبل أن أسترسل قاطعني صوت يسألني ماذا سأشرب ، نظرت إليه بضيق وأنا أصيح شاي تعجب من صراخي وذهب وهو يتمتم ، أمسكت بقلمي من جديد ، فأجئني صخب أصوات متنافره من داخل المقهي ، كانت هناك أحدي المباريات حمي وطيسها ، أستجمعت ذاتي من جديد وهممت بأوراقي من جديد ، لولا ما لمحته علي البعد ، شخصا يرتدي أسمال باليه ، يجر عربه خشبيه محملة بكل ماهو قديم بال وينادي ( بيكيا ) والتي فهمت فيما بعد أنها كل ما هو قديم مستغني عنه للبيع ، لكن ما شدني كان ذاك المصباح المعلق بخيط علي يد العربه ، قمت إليه سألته في تردد المصباح للبيع ، نظر إلي بتفرس ثم أومئ وهو يشير إلي المصباح ، ده من الأثارات يا بيه ، ده ظهر في فيلم علاء الدين والمصباح السحري ، أراد أن يكمل ليرفع سعر بضاعته ، لم أمهله وضعت في يده ورقة نقديه تهلل وجه بها فرحا وسارع يناولني أياه ، لم أدر سبب أندفاعي لشراء هذا المصباح ، ولم تكن عادتي التسرع في شراء شئ ، وجدتني لن أفلح في مواصلة محاولاتي في هذا الصخب ، أفلت عائدا إلي البيت ، حين وصلت وضعته أمامي وجلست محملقا فيه ، تري لو كان هناك مصباح سحري حقيقي ، وبه هذا الجني الذي يخرج في الأساطير ، ماذا كنت سأطلب منه ، تبسمت وقد راقتني الفكره ، ربما كنت سأطلب منه أن يكتب لي ألف قصه ، وربما كنت سأجعله ينشئ لي دارا للنشر ، ولكن أكنت وقتها سأرضي غروري ,اشبع رغبتي في الكتابة ، طردت أفكاري وقمت إلي قلمي وأوراقي من جديد ، بدأت في الكتابة ، وكلما كلت يدي كنت أختلس النظر إلي المصباح واتخيل الجني وهو يتقافز نشاطا فاردا عباءة الأفكار لأتخير منها ما أريد ، ثم وبسرعة أعود لأوراقي متمما ما بدأت ،
مرت الأيام وأنا ومصباحي علي وفاق نتشاطر الوقت كتابة وظنا ، لم يتحرك من مكانه وأنا لم أحاول أن أغير مكانه المواجه لي دوما ، قصتي التي بدأتها كانت قاربت علي الختام ، وكنت أستشعر جمال ما كتبت وقوة بنيانه ، لذا كنت أعيد قراءة كل ما كتبت كلما هممت بأن أكمل ، حتي تلك الليله ، توقف نزف أحرفي ، ووجدتني غير قادر علي كتابة ولو حرف واحد نضب معين الفكر ، وجلست قبالة مصباح الجني هذا ، كنت علي يقين من أنها حالة طارئه ، ستعود بعدها أحرفي لتنساب عبر الصفحات ، لكنني كنت علي خطأ ، فقد طالتني نفس الحالة السابقه ، وجلست أحملق في الأوراق تارة ، وتارة أزرع الحجرة سيرا ، أطيل النظر من نافذتي ، ثم أعود مركزا نظري علي المصباح ، تلوح بسمة على ثغري وأنا اتخيله قد أفاق من غفوته وخرج إلي يفرك عينيه محملقا في ومناديا شبيك لبيك عبدك بين أيديك ، سخرت من فكرتي ، قمت مرتديا ملابسي توجهت صوب الطريق في محاولة لمعانقة الاحرف من جديد ،
قادتني خطواتي إلي الشاطئ ، لمحت قارب صغير يتهادى علي سطح الموج ، أقترب من حافة الشاطئ ، دون تفكير قفزت بمساعدة صاحبة ، سألني وهو يبتسم في أدب عن المدة التي أرغب في قضائها متنزها ، أشرت إليه أن ينطلق ولا يسأل ، لم تكن لدي خطة محددة ، بعد صمت طويل ألتفت إلي في محاولة منه لأستدراجي للحديث ، سألني عن عملي ، رددت باقتضاب فهم أنني لا أود الحديث ، عاد إلي صمته وعدت أنا إلي تأملي وأفكاري المتضاربه تضارب الموج ، مرت بذهني حكايات أمي عن عروس البحر ، وكيف سحرت الصيادين بجمالها ، وكم هلك منهم وهم يحاولون الوصول إليها ، وتخيلت بطل القصة الذي أستطاع أن يفك السحر ويتزوج الأميره المسحوره ، أرتج القارب آثر موجه قويه ، أعادتني الهزة إلي واقعي ، تبعتها موجه أشد أفقدتني التوازن ، في لمح البصر وجدتني أصارع الأمواج ، أختفي عن ناظري القارب ، لم أكن اجيد السباحة ، تمنيت في تلك اللحظة أن أرى عروس البحر التي عاشت بخيالي منذ طفولتي ، وتبسمت وأنا أحاول أنقاذ نفسي بضرب المياه بكلتا يداي وصورة الجني تتجسد أمامي ، لم تفلح ضرباتي في أنقاذي ، وجدتني أغوص إلي الأعماق ، لكن العجب أني لم أكن أختنق ، حين لا مست القاع ، بدأت أسير وأنا أتلفت حولي ودهشتي مما أنا فيه تلفني ، بعد عدة خطوات لمحت طيفها لم تكن عيني لتخطئها وهي التي لازمت خيالي منذ الطفوله ، حاولت الأقتراب منها ، نظرت في دلال وهي تسحب ذيلها في حياء وتبتعد ، أختفت بين الصخور ، بدأت اشعر بتسرب الماء عبر أنفي ، أنتابني سعال حاد ، فتحت عيناي بصعوبة وأنا أشعر بالماء ينساب عبر فمي ، وجدتني ممددا علي طاوله ، وحولي جمع من الناس ، تمتم أحدهم بحمد الله ، ورد أخر لقد أنقذ بأعجوبة ، شعرت ببرد يلف جسدي ، أحضر أحدهم غطاء لفني به وهو يسألني عن عنواني ، حين وصلت إلي البيت ودعته شاكرا ، دلفت إلي سريري بعدما بدلت ملابسي ، لم أستطع النوم ، إلتفت إلي طاولتي ، لمحت المصباح فتر ثغري عن أبتسامه ،قمت متثاقلا حملته بين يداي ، بقيت أنظر إليه ولسان حالي يتوسل إلي الجني أن يخرج ، غفوة للحظه كاد أن يسقط من بين يداى ، وضعته برفق فوق الطاولة وإلتقطت قلمي ، بدأت في سطر قصتي الجديدة ، أما أوراقي القديمه فقد نحيتها جانبا ، حين أيقنت أن الجني مازال يرفض الخروج .
تمت
لحظة صمت

تدحرجت دمعه حزينة , تبعثرت الأسئلة الحبلى, من لها الآن ؟ , أين دفء الكف التي كانت تحتضن دمعاتي؟، وأين العينين التي كنت أسكنها, حين تغتالني أحزاني؟ , أين وألف مثلها فردت أشرعتها بوجهي وزمجرت في غضب ؟, عشش الحزن بوجهي , وسكنت فؤادي وحشة الألم, غادر تني بسمتي إلي غير رجعه ,لمحت في زاوية حبات العقد متناثرة قمت إليها حاولت التقاطها أبت أن تجتمع في كفي , تبعثرت,, أطلت ابتسامه باهته من شفتاي همست حتى أنت تأبين ألا الابتعاد , سمعت خشخشة عبر النافذة ,, ألتفت ,, قطرات المطر الخريفي تعانق الزجاج والغيم يطل علي البعد , تسمرت عيناي فوق شجرة تترنح تحت زخات المطر وقسوة الرياح , انفجرت بداخلي رغبه محمومة للخروج , حين فتحت الباب صدمتني برودة الهواء ارتجفت أطرافي , بللت الأمطار وجهي راودني أحساس طفولي بالعدو , تلفت يمينا ويسارا يكاد الطريق أن يكون خاليا , أطلقت لقدماي العنان , شعرت للحظات وكأن همومي تتناثر مع عدوي , تثاقلت خطواتي مع اقترابي , لمحت أمواجه ثائرة يزبد ويرغي في غير هوادة , واجهته متحديه , صمدت للحظات قبل أن يلقي بموجه في وجهي , تبللت من أخمص قدماي حتى مفرق رأسي , انتفضت وقد اقشعر بدني , حاولت التراجع تسمرت قدماي في عناد , كرر هديره وهو يلقي بموجه ثانية , أطاحت بما تبقي من صمودي , قفلت عائده وجسدي كله يرتعد.
بت ليلتي محمومة , اختلطت الرؤى بالأطياف بذاكرتي وذكرياتي ,, بحثت بين الصور المتلاحقة عنه ,, لكنه كطيف غارق في ثنايا الظلمة كان يتفلت فلا أبصره ,, جف دمعي بعدما روي حزني حتى أورق,, فراقه لي لما كان بتلك القسوة ؟ هل شعر بما شعرت أنا به ,, يكاد رأسي ينفجر لو اعرف السبب !! ربما حينها تهدأ نفسي ,, لا يستطيع قلبي أن يكرهه .... ليتني استطيع !! لما كنت شعرت بهذا الحزن ولما أطبق علي صدري الضيق , لم ادخر وسعا لإسعاده , ولم أوفر صبرا علي قسوته معي وتجاهله لمشاعري حين قرر هجري ,, لقد أحببته بكل كياني كان حلمي الذي انتظرته سنينا ولم أشأ أن افقد حلمي ,, كنت علي يقين من حبه لي ,, كلماته ,, أشعاره التي ملأ الدنيا بها شدو ,, نظراته حين التقينا للمرة الأولي ,, دفء الصدق المعانق لصوته,, وثوق نبرته التي تقطر رجولة وتشع مهابة ,, الحنان الذي يطل من عينيه,, اللهفة الصادقة حين يلمح بعيناى حزن,, رقته وهو يمسح علي رأس طفلة تسأله أن يعبر بها الطريق فيشتري لها الحلوى ،، قبل أن يودعها ببسمة ,, أشياء ثبتت حبه بقلبي ,, رمت بى في متاهة ,, علقت فما عدت بقادرة علي تحديد بوصلة مشاعري ما كرهت يوما احد فكيف بمن منحني السعادة ولو لفترة قصيرة لكني اشعر بغصة في قلبي مما فعله بي حتى دموعي نضب معينها , بقيت أحاور ذاتي ,, شملني حزن قبل أن تغفو عيوني , 0000000000000000000
حين أفقت كان النهار قد أنتصف , قمت إلي النافذة لمحت أشعة الشمس مخترقة الغيم في تناغم رائع, هبت نسمة خريفيه منعشه , تطايرت خصلات شعري , ألتفت إلي المرآة , لمحت بقايا الحزن علي وجهي , خلعت ملابسي في طريقي للاغتسال , حين لامسني الماء تذكرت ليلة البارحة , اقشعر بدني , مكثت دقائق , هدأت نفسي , شعرت براحة , قررت الخروج لأول مرة منذ فراقه لي,
دفء العيون المصافحة لوجهي في ود, والابتسامات الرقيقة المصاحبة لعبارات الاطمئنان عن أحوالي , زادت من ثقة خطواتي , لم تكن وجهتي واضحة , حملتني قدماي إلي الشاطئ , لمحت علي البعد صبي يلقي بصنارته , أسندت يدي إلي السور ورحت أراقبه خلسة, يسحب صنارته خالية , ثم يعيد الكرة بلا ملل ,, سادت لحظة صمت , أخيرا تهلل وجهه وسمكه كبيرة علقت بالصنارة , رفعها في فخر , تلوت يمينا ويسارا وهو يحاول ألا يفلتها , وقع في نفسي خاطر , أتراها تتألم ؟ , وألا لما كل هذه الحركة والتلوي , لكن مما ؟ من الصنارة التي علقت بها !!! أم أن انتزاعها من عالمها المائي أشد إيلاما ؟ شردت متسائلة , لكني لم افلح في الإجابة ,,,0000000
0 0 0
تركت الصبي وسرت بمحاذاة الشاطئ , تداعت الأفكار علي رأسي , وشريط حياتي يمر أمام عيناي , حاولت أن امسك بتلابيب أي انجاز حققته , لم أفلح , حياتي كانت عاديه أكثر مما قد يخطر علي بال أحد , بل والأكثر أن إخفاقاتي كنت عاجزة عن حصرها !!!, أطرقت للأرض ودمعة تراوح بين النزول ومحاولة التماسك ,, حرارة الشمس كانت قد بدأت تشتد ,, تسارعت وتيرة خطواتي ,, وكأني اعرف وجهتي , فجأة دوى صوت ارتطام,, التفتت فإذا بشخص ممدد علي الأرض في وسط الطريق , اقتربت من الجمع الذي كان قد بدأ مع نزول السائقين ,, لمحت شابه في العشرينات ممدة بلا حراك ,, مرت لحظة صمت ثقيلة ,, عبارات التأسف والحوقلة لم تجدي نفعا , فقد أسلمت الروح ,, وجدتني أجهش بالبكاء وأنا ابتعد مغادرة , لم أستطع التوقف , لكنني كنت عاجزة عن تحديد سبب بكائي ,, أكنت انعي نفسي و شقائي في هذه الحياة , أم انعي تلك المسكينة .

هدأت نفسي قليلا جففت دمعي , اعترض طريقي بائع الورد ,, ألح في عرضه تناولت واحده بعدما دفعت إليه بالنقود , قلبت الوردة بين يداي ,, كانت نديه تفوح منها رائحة زكية ,, ضممتها إلي صدري ,, شعرت بالتعب ,, جلست فوق حافة السور الفاصل بيني وبين البحر ,, عشت لحظة صمت طويلة ,, بقيت علي حالي محملقة في الموج ,, لم أدر كم مر من الوقت ,, لكنني شعرت بسكينه لم استشعرها من زمن ,, وكأني بأمواج البحر قد طهرتني من أحزاني ولحظات الصمت أعطتني فسحه كي أكف ولو للحظات عن لوم نفسي ومحاورة ذاتي ,, حين عانقت الشمس البحر ,, أحمر موجه خجلا ,, ضمها برفق ,, ذابت بين أمواجه ,, تحسست الوردة بين يداي ,, تنهدت في راحة ,, هبت نسمة باردة ,, قفلت عائدة وأنا استشعر راحة ,, حين وطئت قدماي البيت ,, كان الحزن قد غادره ,, وعشش دفئا في جنباتة ,, قبلت الوردة قبل أن أضعها في أناء الماء ,, بدلت ملابسي ,, شعرت بالنعاس ,, حين وضعت رأسي علي الفراش رحت في نوم عميق ,, وإبتسامة واثقة
تعانق شقتاي
تمت 000000000 000 0
















إنكســــــــــــــــــــار
كان قد أقترب من النافذه المسيجه بقضبان ذكرته بأيامه الخوالي،، أنطلق الصوت مجلجلا ومعلنا الأغلاق قبل أن يحصل علي أرغفة الخبز التي أنتظرها ساعات ،، جر قدميه في يأس ،، وصل إلي طرف الرصيف ،، جلس متثاقلا ،، إنهمرت من عينيه الدموع ،، وشعوره بالانكسار وقلة الحيله يعتصرانه ،، شعر بغصة في حلقه ،، تقافزت الأسئله بحلقه ،، ماذا تراه سيخبر حفيده عند عودته خالي الوفاض؟ بكي بحرقه ،، لم يدر كم مكث علي حاله ،، حين رفع رأسه تداعت أمام عينيه الصور،، عاد بذاكرته إلي أولى انكسارته ،،
لم يكن يومها قد تعدي السابعة عشر ،، سمع بالهزيمه ،، النكسة كما كانو يطلقون عليها ،، شعر بمرارة الذل والهوان يومها ،، ليس من الهزيمه ،، لكن من خداع من آمن بهم ،، كان وقتها يافعا ،، حاول أن يقاوم إنكسارته ،، لم تمض سنوات كثيره ،، وجاءت الضربه الثانيه ،، تم رفضه في كلية الفنوان ،، الكليه التي عشقها ،، لم يدر السبب ،، أهو الروتين ،، البيروقراطيه ،، أم حظوظ غيره ممن لهم الحظوه ،، لم تشفع له ريشته ،، لم تسنده موهبته ،، حط رحاله بكلية اخري،، لم يدر لما دخلها ولا كيف خرج منها ،، حاول أثناء وجوده هناك أن يشغل نفسه بأي شئ ينسيه أنه لم يحقق حلمه ،، أنضم لأحدى الجماعات المنتشره بالكليه ،، أفاق وهو في أحد السجون ،، جلس وحيدا منهكا ،، تساءل في وهن هل سكنتة الذله،، الأهانه هذه المره فاقت كل حد ،، كرامته أنتهكت ،، وأستبيحت أنسانيته،، ذاق أياما من العذاب ،، في النهاية وجد نفسه ملقي خارجا بلا تحقيق أو عرض علي القضاء،، حين حاول فتح عينيه ،،وجد نفسه بجوار كيس نفايات ،،ربت عليه وهو يتحامل علي قدميه ليغادر ،، تمتم وهو يودعه بنظره ،، ما الفرق بيننا،، عاد إلي الكليه ،، قضي معظم وقته ساهما ،، تعلم أن يبقي وحيدا،، لا يتحدث لا يشارك في أي نشاط،، مضت سنين دراسته ،، يوم حصوله علي شهادته خاصمته الفرحه بعد أن أختطف الموت والديه تحت أنقاض بيته العتيق،، بكي يومها صمتا ،، بعدما عنفه الحزن بقسوه،،وأقترنت الوحده بمشاعره،،
بزغ شعاع أمل حين عرض عليه أحد أصدقاء والده عملا ،، مرت أيامه بطيئه ،، لكنه شعر أن الهم ربما سئم من مصاحبته ،، حاول أن يقبل علي عمله ويجتهد ،، فاجأه صديق والده بعرضه للزواج من أبنته ومرافقتها في عملها بأحدي دول الخليج ،، تم الأمر بسرعه ،، تنفس الصعداء وهو يري الامل يعاود مداعبة حياته ،، مرت أيامه بيسر،،، رزق بطفل وفرصة عمل جديده،، طار قلبه الذي ما عرف الفرح من زمن ،، تحمل الكثير في سبيل أن يستمر في عمله ،، برغم ضغوط صاحب العمل ،، حاول الأستمرار ،، أزدادت الضغوط والأهانات ،،أتفاقيه الصلح مع العدو فجرت غضب صاحب العمل،، لم يتبرم علمته المحن التي مر بها الصبر،، يشعر كل يوم بزيادة المهانه ،، جاءت القاصمه فارقت زوجته الحياة لم يستطع الأحتمال ،، غادر عائدا إلي وطنه ،، بعدما تكالبت الظروف عليه،،
قست عليه الحياة أكثر مع وفاة حماه بعد عودته بأشهر قليله ،، مكث في بيت حماه ،، بعد أن رق قلب العجوز صاحبة المنزل له ولولده ،، بل وطلبت منه أن يترك الصغير لديها ،، رحمة الله ساقت إليه الفرج ،، موجة الانفتاح التي أغرقت الوطن أوجدت له فرصه عمل براتب جيد،، في سنوات قليله تحسنت أحواله ,, أدخل ولده المدرسه ،، وشق طريق نجاحه في عمله ،، أصبح لديه رصيد في البنك ،، شعر بأن الدنيا قد أقبلت عليه ،، وانها لن تدر ظهرها له من جديد،، مضت عدة سنوات قبل أن تنهار شركات كثيره ،، بعدما فضح أمرها ،، وأمر تجارتها بالأغذيه الفاسده ،، أغلقت الشركه أبوابها ،، وكادت الاتهامات تطوله ،، لولا رحمة الله ،،، عاني طويلا قبل أن يدله أحد أصدقائه علي شركات توظيف الأموال التي تعطي أرباحا عاليه ،، توجس من الأمر في البدايه ،، إلحاح صديقه ورغبته في أن يكمل ولده دراسته ،، دفعاه إلي الموافقه ،، سلم كل ماأدخره إليهم ،، مرت أشهر وهو يستلم أرباحه علي أحسن وجه،، كان راضيا ،، لم يكتمل العام الثاني إلا وقد توقفت الدفعات ،، ضيقت الحكومه الخناق علي شركات توظيف الأموال،، هرب البعض وسجن أخرين ،، وفقد البسطاء أمثاله أموالهم ،، عاد معدما ،، وعادت الظلمه تساكن حلمه ،،
تلاطمت أمواج حياته وهو يكابد ضيق العيش،، ويراقب ولده الوحيد وهو يخطو نحو الجامعه،، كان هذا سلواه الوحيد ،، تنقل بين أعمال كثيره ،، حرصه علي أن يوفر لولده فرصته لأكمال تعليمه ،، جعلته يعمل ليل نهار،، ويقبل بأي عمل ،،كانت فرحت لا توصف حين ألتحق ولده بكلية الهندسه،،
مرت سنوات دراسته سريعا ،، وهو يتطلع بشغف ليوم تخرجه،، تنفس الصعداء أخيرا تحقق حلمه ، وأصبح والد المهندس ،،، خر راكعا شكرا لله
أن أدرك هذا اليوم ،،،
مرت اشهر قبل أن يجد ولده عملا ،، حاول بشتي الطرق ،،، أخيرا ظهرت بارقة أمل،، أعلان طلب مهندسين بأحدي دول الخليج ،، رغم قسوة البعد ألا أنه شجع ولده علي السفر،، مكث عام وعاد كما وعد أبيه حين ودعه في الميناء ،، عانقت دموع الفرحه قلبه ،، أسر إليه برغبته في أن يزوجه ، دمعت عيناه وهو يهمس أريد أن أري حفيدي قبل أن ألحق بأمك ،، مازحه لكن أين العروس ،، تهلل وجهه وهو يصيح ،، بنت جارنا ،، كما تزوج هو قبلا تمت الأمور بيسر وتم الزواج،، لم يمكث غير شهرين ،، غادر بعدها إلي عمله تاركا زوجه حاملا ،، مضت الأشهر سريعا ،، وهو يغالب لهفته لأحتضان حفيده ،، لم يستطع ولده الحضور لظروف عمله ،، حين تلقف سمعه صوت الصغير شعر بسعادة لم يستشعرها ألا يوم تخرج ولده من كلية الهندسه ،، سهر علي راحته وراحة أمه ،، مضت ستة أشهر كأنها ستة أيام وهو يعايش صغيره ليل نهار ،، لا يفتأ يحتضنه ويقبله ،، لا يتركه لأمه الا وقت النوم ،، أكتملت سعادته برساله من ولده يحدد موعد عودته ،، انتظر يوم وصوله بلهفه ،، أصطحب حفيده وزوجة ولده لأستقباله في الميناء ،، تأخرت العباره ،، تهامس الجميع في قلق ، تعالت الهمسات ،، اخترق الصمت صوت صياح النساء ،، لقد غرقت العباره ،، لم تستطيع قدماه أن تحمله ،، تجمد الدمع بعينه ،، لم يستطع المغادره كان يأمل ألا يكون الخبر صحيحا ،، احتضن حفيده في جزع ، لم ينطق بحرف طوال رحلة العوده إلي البيت ،، مكث أياما لا يبرح السرير ،، ترك الحزن رسائله محفوره علي قسمات وجهه ،، حاولت زوجة ولده أن تخرجه من صمته ،، تترك حفيده يداعبه ،، أستجاب لأبتسامته بعد فتره ،، أخذ عهد علي نفسه ألا يشعره باليتم يوما ،، وأن يكون له والدا قبل ان يكون جدا،، مرت سنوات ست ، وكل يوم يزداد شظف العيش ،، ويزداد حمله ،، لكنه يتذكر عهده فيزداد أصراره علي مواصلة سعيه ،، وعدم السماح للزمن أن يكسره ،، كفاه إنكسارات ،، لكن الزمن يقسو أكثر كلما لمح الأصرار علي ملامحه المنهكه ،، كان غدا هو أول يوم لحفيده في المدرسه ،، وعده بأن يلعب معه بعد أن يحضر الخبز لطعام يومهم هو وأمه ،، شرط أن يكون رجلا ويذهب غدا للمدرسه مبتسما فرحا ،، أستفاق علي صوت جلبه صادره من المخبز ،، أستند علي حافة الرصيف وهو يحاول أن يقف ليعرف سبب الجلبه .. تدافعت جموع الجوعي بعد أنهددهم صاحب المخبز ،، نشبت مشاجره ،، حاول الأبتعاد لم تسعفه قدماه ،، وجد نفسه تحت الأرجل تركله بلا رحمه وهم يتشاجرون علي رغيف خبز ،، لم يستطع الصمود أنهارت قواه ،، تبسم وهو يسلم الروح ،، فقد أيقن انه لا انكسارات بعد اليوم ...
تمت

قمر
لم يدر بخلدي وأنا أضمها إلى صدري وأحيطها بذراعي قبل أن أطبع على جبينها قبلة ، أنها المرة الأخيرة التي ستتلاقى أرواحنا وأجسادنا معا ...هبطت الدرج بخفة ، حين صدمني هواء الطريق التفت بعفوية ناظرا إلى الشرفة في الاعلى , لمحتها تمسح دمعتها بيدها وهي تلوح بالأخرى , تبسمت وأنا أحاول التماسك وتابعت طريقي , لم يكن يفصلني عن موعد الطائرة سوى سوىعات قليلة , فكرت أن أسير قليلا ، كانت الشوارع مزدانة ، وأصحاب محلات الحلوي منتشرين في كل زاوية ، أدركت أن أحدى المناسبات الدينية على الأبواب , لمحت عروسة من الحلوي راقني منظرها شعرت بأنها تكاد تكون نسخة عنها في رقتها , سارعت بشرائها لا أدري لما ، بعدما سرت خطوات نظرت لما بين يداي وتبسمت , أهو الطفل بداخلي ، أم أنني أريد ألا افقد مظاهر علاقتي بعادات أبناء وطني ، مر طيفها أمامي فكرت أن أعود لأهديها تلك العروسة ، ترددت قليلا ، ، كان فكري منشغلا ، نظرت إلى ساعتي .. هممت بعبور الطريق ، وجدتني أطير في الهواء بعدما صدمتني سياره انشقت الأرض عنها في لحظه .. احتبس صوتي , شدة الألم أفقدتني الوعي للحظة , شعرت بجسدي يقترب من الأرض ,أغمضت عينيَّ فتراءى شريط حياتي كله أمامي .
أحرفي التي تناثرت عبر أوراقي فضحت أمري , على هامش كتاب السنه الخامسه كانت أولي كلماتي , موسيقي حرفي البسيط لفت أنتباه مدرس الفصل ، تبسم في هدوء بعدما أجبته أنني صاحب تلك الاحرف ، ربت على كتفي وهو يحمل الكتاب ليريه لزميلته مدرسة التاريخ ، كان فخورا بتلميذه , شجعتني أبتسامته وأهتمامه بكل ما أكتب , توقف نزف قلمي بعدما غادرت المدرسه ، أنغمست في عنف طلاب المدرسه الاعداديه ، كنا نحاول أن نثبت اننا رجال ، أبتعدت عني أحرفي ، ولم تطرق بابي إلا بعد شهر من دخولي المرحلة الثانوية ، كنا في طريقنا إلى المدرسه حين لمحتها ، وقفت متأنقة بزيها المميز الذي يعلن عن أنتمائها لأحدى مدارس اللغات ، لم أعد إلى المنزل ذاك إلىوم إلا وأحرفي تتراقص من جديد على ورقة زهرية أقترضتها من زميل ، ظللت أمر مبتسما أمامها لمدة شهر كانت لا تعيرني أهتمام في البداية ، ثم أصبحت تبتسم وهي تدير وجهها متصنعه عدم أكتراثها بنظراتي ، حلت إجازة الصيف ثقيلة وكنت أعلم أني سأحرم رؤيتها ،
حين أعلن عن تكوين جماعة أدبيه في الصف الثاني ، كنت قد شعرت بتمرد قلمي ، كنت أكتب في كل شئ وعن أي شئ كنت أكتب في هوامش كتبي والصفحات الاخيره من كراسات الفصل ، كنت أكتب خلف تذاكر الترام والقطار ، شعرت بأني أصبحت من كبار الكتاب , جمعت كل قصاصتي ، صنفتها وذهبت إلى أحدى المطابع الشعبيه , كان لدي بعض المال ، وافق على طباعة الكتيب ، حين تسلمت أولي النسخ وشرعت في توزيعه ، أصابتني خيبة الأمل ، من أنا وما قيمة ما أكتب , صدمت في قلمي غير المعروف وغير المرغوب ، حتي من أهديتهم نسخي لم يكلفوا أنفسهم بتصفحها ، ذبل القلم وشعرت بإنكسار الحرف بداخلي
النقله الهائلة التي واكبت دخولي الجامعه أيقظت في نفسي هاجس الكتابة من جديد ، بدأت على أستحياء ، كنت أراقب وأكتب واصفا العلاقات من حولي ، كنت قليل الكلام خجولا , متوجسا من الدخول في أي علاقة كمعظم زملائي الذي لم تمض الاشهر الثلاثةالاولي إلا وكان كل منهم قد تعرف إلى رفيقة وكونا ثنائيا ، كنت سعيدا بكوني المتفرج الوحيد على قيام العلاقات وإنهيارها ، وكنت أسطر بقلمي كل مايدور ، ولم أطلع أحدا على حرف مما أكتب , ورغم أنزوائي إلا إنني وجدتني بعد فتره كاتم أسرارا الجميع ، وجدتني من حيث لا أدري طرفا في كل النزاعات والعلاقات ، ومن ثم وجدتني أتحول إلى شخص أجتماعي مشارك للجميع في كل ما يفعلونه ، وكانت تجربتي الأولي..
في أحدى الرحلات التي قام بها الزملاء وجدتني أوافق على الأشتراك فيها بعد إلحاح ، بعد أن ركبنا الحافله بدقائق لمحتها ، لم تكن ممن رأيتهم قبلا , تكرر تلاقي أعيننا كانت تضحك وتنظر إلى الأرض , شجعتني ضحكتها أقتربت من مكان جلوسها , تلعثمت قبل ان أسألها عن أسمها ردت وهي تبتسم ، استأذنت صديقتها التي كانت تجلس بجوارها , جلست أتجاذب معها أطراف الحديث , كان الصخب عالي غناء وفوضى وأصوات مختلطه , لكننا كنا في زمان ومكان أخرين , كان التوافق في تركيبتنا جليا , شعرت بدبيب الحب لأول مره في حياتي , وعرفت معني العشق , تحركت أحرفي من جديد بعثت برقتها ودفئها كل الأحرف التي وارها التراب , كتبت فيها ولها الكثير وهمت بها عشقا , عرفت بحبها الجارف ان تجعلني أصوغ حرفي بجمال , غيرتها كانت تحركها أحيانا للدفاع عن وجودها كأنثي وحيده في حياتي , وكانت هذه نقطة الخلاف الوحيده , عشقها لتفردي في كتابة أعذب الحروف وأكثرها رومنسيه كان يغفر لي عندها كل زلة , تسارع مرور الأيام , وصفعتنا الحياة بواقعها المر , أنتهت سنوات الدراسه , وتجلت الصورة الواقعيه بوقاحة أحتياجاتها الماديه وقسوتها , قررت السفر ولم أحسب لثورتها على قراري وأبتعادي حساب , خيرتني بين البقاء او أصطحابها لأي مكان أود الذهاب إلىه , وكلا الخيارين كان مستحيلا وقتها .
حينما شعرت بعنادي , جارتني في مشروع سفري , كنت كمن يقتلع قبله بيده من صدره , حاولت التماسك لأجلها , لكنها صدمتني بتماسكها وغضبها المكتوم , لم يمض شهران على سفري ألا وهي تخبرني بأنها قد خطبت وأنني السبب لأني لم أستمع لصوت قلبها , وأهنت كبرياء الأنثي داخلها , أسودت الدنيا في عينيَّ , وشعرت بإنهيار كل أحلامي , أنطويت على ذاتي , كسرت قلمي , وركزت كل حواسي في عملي ... أدركت حينها أن القلم بيدي جسد يحتاج لأنبعاث روح فيه ليتحرك ولتدب فيه روح الأبداع , ودعته بعد أن شعرت بأن مشاعري قد دفنت , وبأنني لن أعد قادرا على إيقاظ حرف من أحرفي من جديد ،
توالت أيامي مرورا ونجاحاتي وأنكساراتي , صعودا وهبوطا , فكرت أن أعاود محاولة التعايش مع ذاتي من جديد , ومضت فكرة الزواج بذهني , ربما تكون تلك بداية حقيقية , قررت أن أعمل عقلي هذه المرة , وجدتها .. أنسانه بسيطه أحلامها مثلها , برغم انني لم أجد قاسماً مشتركاًبيننا , إلا إنني صممت على الأستمرار , لم تمض السنه الأولي ألا وقد رزقنا بطفلنا الأول , بعث بعض البهجه في علاقتنا , لم يطل الوقت حتي رزقنا بطفلنا الثاني ,كنت تائها أبحث عن ذاتي عن بعض السعادة التي كنت أسمع عنها , لكن لا جدوي , شعرت وقتها أن ساعة التغير التي كنت أنتظرها قد توقفت عقاربها وصدأت تروسها , بحثت حولي لم أجد إلا قلمي الذي رقد في سبات , حاولت أن أوقظه عله يكون سلواي فيما آلت إلىه حياتي , مضت أشهر قبل أن أفلح في أستعادة وهج حرفي , كنت أعيش لأنه يجب أن اعيش وليس لسبب أخر , كل الحزن الذي تراكم بداخلي كان وقودا أنطلقت منه شرارة البدء ,وجدتني كبركان تفجر , نهر أنسابت جداوله , ومع هذه البداية وتلك الصحوة لقلمي بدأت أنشر ما أكتبه , وبدأت قصتي مع قمر في ذاك الوقت.
كنت أتلقي رسائل الإعجاب ممن يتابعون ما أكتب , كنت أرد على بعضهم , وأتابع بشغف أعادني سنوات ومنح قلبي رشفه من أكسير الحياة , تميزت رسائل قمر برقتها وعذوبة أحرفها , تنامي أهتمامي برسائلها كثيرا , وأصبحت انتظر أي حرف تخطه , وأتلهف لمعرفة رأيها فيما أكتب , شعرت هي بأهتمامي , توطدت علاقتنا لتشمل الجانب الشخصي وليس الأدبي وحسب , كانت صاحبة قلم راق , وإحساس مرهف , تشاطرنا كل حرف , وشعر كل منا أنه أنما خلق للأخر , كان هناك من القواسم بيننا الكثير , شعرت بعاطفة جارفة تجاهها , رقص قلبي فرحا حين صارحتها بمشاعري وأجابتني على استحياء أنها هي أيضا تكن لي نفس المشاعر وربما أكثر, لم يمض وقت طويل حتي تعرف كل منا على حياة الأخر بكل صدق وشفافيه , أحترمت بساطتها وأحترمت صدقي ,، إزداد تقاربنا وشعرنا بأننا لن نستطيع العيش إلا معا ، تفهمها لوضعي العائلي , بسط الأمور كثيرا ,
كنت أعلم أنني سأجابه بسيل من الغضب , لكن حبي الجارف لها كان سندي , سافرت إليها لترتيب أمر إرتباطي بها , لكنني لم أستطع إلا إتمام كل شئ , بين عشية وضحاها تزوجنا ,وقضينا معا أجمل اللحظات ,رقتها فاقت كل ما تصورت , دفء مشاعرها كان يبهرني كل يوم , أنوثتها الطاغيه ملكت على حواسي , شفغها وبساطة نفسها جعلا السعادة وصفا بسيطا لما كنت أستشعره وأنا بقربها , وكأن الحياة تريد أن تعوضني عن كل ما فات , كانت أنثي بكل ما تحمل تلك الكلمة من معان , وكنت أنا ظمآنالذاك الحب الذي كانت تمنحه في رضىً ,، أسكرني قربها وعاد قلمي ليكتب أجمل وأرق ما كتب على أنغام همسها , وعطر أنفاسها , ودفء عيونها .
كان لزاما أن أعود لترتيب أموري ومعرفة كيف ستسير حياتي بعد الذي حدث , وكان لقائي بها لأودعها قبل دقائق من الأن ... أنقطع خيط الذكريات ولم أعد اشعر بشيئ وجسدي يقترب من الأرض و يستقر علىها بلا حراك
حين أفقت لمحتها بجمالها ورقتها على حافة السرير جالسه في سكون همست في ضعف قمر , مسحت دمعتها وهي تراني أفتح عينيَّ ، اقتربت وإبتسامه تكسو وجهها ,همست كيف حالك حبيبتي , توقفت الأحرف وأنا أري بعض الشعيرات البيض قد تسللت إلى رأسها , لمحت علامات الدهشه بعينيَّ , همست لقد مضت ست سنوات على الحادثة يا حبيبي , سقطت من عيني دمعه قبل أن أعود لغيبوبتي من جديد .

تمت





ذات صباح
وقفت تنظر من نافذة الحافله التي تقلها يوميا في طريقها للمدرسه وقد طال وقوفهم ، لمحت علي البعد وجوههم البغيضه المكفهره وهم يدفعون بسائق الحافلة أمامهم ويركلونه وهو يحاول جاهدا أن يتقي ضرباتهم بكلتا يديه وهرولته بقدميه التي لا تكادان تحملانه ، سقطت علي خدها دمعه وهي تتابع أهات الشيخ سائق الحافله وهو يقترب من الباب متمتما بعبارت الإنصياع وورائه ثلاثه جنود مدججين بالسلاح ينعتونه بأفظع الشتائم التي ينطقونها بعربيه غير واضحه وهم يتغامزون ويتضاحكون ، حين وثب إلي الحافله وقف أحدهم علي الباب وهو يدق دقات عنيفه طالبا منه سرعة الانصراف فالمعبر اليوم مغلقا.
لم تكن المرة الأولي التي يعودون فيها أدراجهم لكن اليوم كان مختلفا لسناء فقد ظهرت نتيجة الفصل الدراسي الأول وكانت الأولي وسيتم تكريمها اليوم مع المتفوقين ، كانت تحلم بهذا التكريم وتحاول ألا تنسي ما وعدتهم به مدرسة الفصل من جوائز ، طار قلبها فرحا حين عرفت أن الدمية التي حلمت بها أصبحت من نصيبها ، لكن هاهم يقفون حائلا بينها وبين تحقيق حلمها الذي أنتظرته طويلا ، كتمت صوت بكائها وإن لم تستطع منع دمعها من شق طريقة عبر وجنتيها طوال طريق العودة .
رغم مرور عدة سنوات إلا أن سناء لم تكن تفارق دميتها حتي وهي تكاد تعبر بوابة الأنوثه الكامله بسنواتها السبعة عشر ، في معظم الليالي كانت تصعد علي سطح البيت مع دميتها وتحادثها تحت ضوء القمر تشتكي لها ، وتحكي لها عن رفيقاتها في الدراسة، عن همومها وأحلامها ،وعن رفيقتها التي أستشهدت بنيرانهم أمام عينيها، ذكرياتها بحلوها ومرها ، وكثيرا ما كانت تغلبها دموعها وهي تتذكر أخيها الشهيد الذي فارقهم وهو يشارك في خلايا المقاومة ، وتتذكر أن أمها يومها وزعت الحلوى علي أبناء الحي ، ودموعها تخالط ضحكاتها المكلومه ، من يومها أصبحت وحيدة ، بعدما عصر الحزن قلب أمها فأنزوت مع دموعها ،تعمل في البيوت لتستطيع أن تعيل نفسها وإبنتها بعدما فقدت الزوج والأبن .
ذات صباح وضفائرها تتراقص فوق ظهرها في طريقها إلي الجامعة لمحته ، طويل القامة حاد الملامح ، ورغم ذلك تشعر أنه ودود ، إبتسم حين تقابلت أعينهما ، كانت إبتسامته علي جمالها غارقة في حزن قفز عبر سياج قلبها الذي عايش الحزن سنينا ،نظرت إلي الارض في خجل بعدما شعرت بتورد وجنتيها ، عبرته وعينيها مغروسة في الأرض ، وإن كانت تتمني لو تستطيع أن تعاود الألتفات لتعانق عينيها أبتسامته ، أمضت يومها ساهمه لا تستطيع صورته أن تفارق مخيلتها ، أملت أن يبتسم الحظ لها من جديد وتراه في الغد .
بقت على أملها في لقائه أياما حتي بدأ اليأس يتسرب إليها ، في طريق عودتها اليومي ، لفت أنتباهها جمهرة من الشباب يحتفلون ، حين أقتربت وجدته بينهم يتلقي التهاني ، إلتفت إليها فرحا لكنه لم يقل شيئا ، فهمت من تناثر بعض الكلمات أنه قد أفرج عنه اليوم بعدما أحتجزتة قوات الإحتلال عدة أيام ، حين وصلت لحجرتها كان قلبها يطير فرحا ألقت بكتبها وأخذت ترقص وتدور في حلقات ، أغمضت عينيها وحلقت كفراشة ، لم تشعر بسعادة مثلما شعرت في ذاك اليوم.
صباح اليوم التالي كانت على موعد مع الفرح ، أقترب منها في أدب مستأذنا أن يصطحبها إلي الجامعة ، لم ترد ، لكن أبتسامة الخجل التي أرتسمت علي شفتيها وهي تنظر إلي الأرض كانت كافية ليسير بجوارها مفكرا ، قطع الصمت بسؤالها عن دراستها ، تطايرت الأحرف من بين شفتيها وهي ترد بإقتضاب ، شعر بخفقان قلبها وأرتباكها ، صمت قليلا قبل أن يبدأ في متابعة حديثة هذه المرة عن نفسة ، كانت تستمع إليه بكليتها تحولت كلها إلي أذن شغفة تود أن تعرف عنه كل شيء ، أفاض في حديثة عن نفسة وأسرته التي يعولها كونه الأبن الأكبر ، وعن ظروفة وعدم تمكنه من إستكمال دراستة ، ظل يتحدث وهي منصتة ، شجعها حديثة علي أن تنظر إلية ، تلاقت أعينهما ، شعرت بذات القشعريره في جسدها حين رأته للمرة الأولي ، إبتسم وهو يكمل حديثة إليها واصفا إياها بأنها أجمل من وقعت عليه عيناة طوال عمرة ، أحمرت وجنتاها أكثر ، وشعرت بأن قلبها سيقفز من مكانة ، وعاودت النظر إلي الأرض ، كانا قد وصلا ودعتة بإبتسامة وهرولت مسرعة .
علي مدار الأيام كانت قصة الحب التي بدأت بنظرة قد أكتمل نسيجها ، ولم يعد أحدهما يتصور حياته دون الأخر ، لكنها كانت تستشعر أن هناك شيئا دوما يشغلة ، سألته مرة لكنه لم يجب ، وأحترمت هي خصوصيتة ، فاجئها بسؤال عن ردة فعلها إذا حدث له مكروه ، أسرعت تضع يدها علي فمة قبل أن يكمل ، لثم يدها وهو يبتسم ، سحبتها بسرعة وهي تحاول أن تظهر له غاضبها ، أستفسرت عن سبب سؤالة ، تردد قبل أن يبوح لها ، يعلم أنه لا يستطيع أن يخفي عليها فهي أصبحت روحة التي لا يستطيع أن يخفي عليها حتى عدد أنفاسة ، تجهم وجهها حين أخبرها بأنه عضو في جماعة لمناهضة الأحتلال ، نظر إليها في تعجب شعرت بنظراتة تلومها وهو يعرف قصة أخيها ورغبتها دوما في أن تثأر له ، تهدج صوتها وهي تطلب منه أن تكون برفتة ، اذا ماتا ماتا سويا وإذا كتبت لهم السلامة تكون قد أشفت غليلها ممن قتلوا أخاها ، رفض طلبها متعللا بسرية المجموعة وعدم رغبتهم في ضم عناصر جدد خاصة إذا كانت عناصر نسائية ، غضبت وطلبت أن يوصلها إلي البيت.
مرت عدة أيام لم تخرج من بيتها ، شعر بقلق شديد ، وشعرت هي بأنها لا تستطيع أن تصمد أكثر علي عدم رؤيتة ، لكنها قاومت ، دق الباب أسرعت تفتح كان هو ومعه أمة أرتبكت ، لم تعرف ماذا تقول ، نادت علي أمها ، بعد تعارف سريع أختصر المسافات بطلبها للزواج ، شعرت بسعادة تغمرها ، قامت تحث الخطى خجلا وهي تنظر للأرض ، باركت أمها هذه الخطبة وقد لمحت حب أبنتها المتمكن من قلب الشاب الذي يجلس أمامها ، قبل أن يغادر هو وأمه كانا قد أتفقا علي كل ما يخص حفل العرس وحددا موعده،مع أول أيام العيد بعد أن ينتهي شهر رمضان، نادتها أمها كي تودعهما ، شعر ببرودة يدها التي سحبتها من بين يديه بسرعة وهي تنظر بطرف عينها إلي أمها ،
في صباح ذاك اليوم كانت الشمس تشع برقة وكأنها هي الأخري تشاركهم فرحة قدوم رمضان ، لم يكن يكدر صفو الحياة سوي أزدياد عدد جنود الأحتلال ، كعادتهم كلما أطل الشهر الكريم ، كانت تشعر بسعادة وهي تعلم أنه سيأتي ليتناول الفطور معهم بعدما غاب عنها أيام بسبب العمل خارج القدس ، وكانت تعد العدة لترافقه للصلاة في المسجد الأقصي كما كانت عادتها قبل ان يستشهد أخيها ، حين أقترب موعد الأفطار ، رقص قلبها فرحا وهي تسمع دقات الباب ، تبدلت ملامح وجهها وهي تري أمه واقفة بالباب ، أدخلتها والقلق يكاد يفترس قسماتها ، همست العجوز باكيه لقد قبضوا عليه ، لكنها ضمتها وهي تطمئنها بأنه سيعود كما هي عادتة ، وحاولت تتصنع أبتسامة وهي تقول هو فقط يريد أن يعرف قدر حبه في قلوبنا ، رفع الطعام كما وضع لم يمسه أحد ، حين غادرتهم العجوز أغلقت علي نفسها باب حجرتها، أحتضنت دميتها وبكت حتي سمعت الآذان هدأت نفسها قليلا كفكفت دمعها توضأت وحثت خطاها إلي المسجد الأقصى الذي لم يكن بعيدا من بيتها ،
في صباح اليوم التالي شعرت ببعض الإعياء من طول صلاتها وكثرة دعائها في ليلتها السابقة ، كانت قد أعتادت على البقاء في البيت ، لكثرة إغلاق الجامعه بسبب المظاهرات ضد قوات الإحتلال ، أطلت من نافذة البيت ، بعد ما سمعت صوت أطلاق أعيره ناريه ، صدمها مشهد الدم وسقوط القتلى ، رغم أعتيادها على تلك المواجهات ، إلا إنها لم تكن قريبة لهذا الحد ، تفجر غضبها ألما ودموعا ، شعرت إنها مكبلة ، أرتمت علي سريرها وهي تصرخ بلا وعى ، أتت أمها مسرعة ، أحتضنتها وهي تربت علي ظهرها ، أحتوتهما ظلمة المهانة ومرارة الظلم ، تماسكت قليلا وشريط الحزن يمر أمامها بكل قسوته ، كفكفت دمعها وهي تهمس لأمها ما قيمة حياتنا يا أمي .
قبل إنقضاء الشهر بعدة أيام وكعادة الصهاينة أفرج عن بعض المعتقلين ، وجدته يدق بابهم منهكا ، أحتضنته بعينيها ، أبتسم مستأذنا كي يطمئن أمه ، إلتفت إليها طالبا أن تعد له الإفطار بيديها ، مكثت باق اليوم تحاول أن تعد كل ماوقع تحت يديها من طعام ، لقدعاد ، وعادت معه رغبتها في العيش بعد أن كانت قد خاصمت الحياة ، حين جلسوا لتناول الأفطار مكثت تنظر إليه والفرحة تتراقص بعينيها ، قسوة السجن لم تنل من شموخه ، تعشق تلك النظرة المتحديه في عينيه ، لم يتحادثا طويلا لكن أعينهما قالت الكثير ، أستأذن مغادرا هو وأمه ، كان بحاجة لأن يستريح ،
مضت الأيام المتبقية من الشهر الكريم هادئة ، وكأن الحياة أرادت أن تعوضهما بعضا من قسوتها ، أقترب العيد وأقترب معه يوم زفافهما ، شظف العيش كان يجبرهما وغيرهما علي الأكتفاء بأبسط مظاهر الإحتفال ، وأقل تجهيزات العرس ، كان يحاول أن يجتهد في عمله ليوفر لعروسة حياة كريمة ولو في أيام زواجهما الأولى ، بالكاد كان يلحق بموعد الأفطار ، ثم يصطحبها لأداء الصلاة القيام بالمسجد الأقصى ، وكانت لا تنسي كل ليلة أن تذكرة أن يجتهد في الدعاء كي يجمعهما الله برحمتة وفضلة في بيت الزوجية ، كان ينظر إليها بحب ويبتسم وهو يؤكد لها أن هذا دعائة دوما ،
في ليلة ختم القرآن عمت المظاهرات محيط الأقصى فقد منع جنود الأحتلال الصلاة في المسجد وأحاطوه بمدرعاتهم ودباباتهم حاولت الجموع أختراق الحواجز ، وبدأ الجنود بإطلاق الرصاص ، تفرقت الجموع ، عادت معه كسيرة النفس دموعها تبلل وجنتيها ، نظر إليها بأسى وهو يتمتم سيدفعون الثمن ، حين دخلت حجرتها أحتضنت دميتها وجلست تفكر حتي غفت على سريرها.
في الصباح وجدته يدق الباب ، أتي ليودعها ويخبرها بأنه سيعود قبل الزفاف بيوم فلديه عمل خارج البلدة ، ودعته بأبتسامة ودعاء ، أمضت يومها وهاجسها ألا تستطيع الصلاة في المسجد اليوم أيضا ، بعد أن أفطرت ودعت أمها وأتجهت لتصطحب أحدي جارتها ، تكرر المشهد لكن المظاهرت كانت أعنف ، والأشتباكات بين الجنود والمتظاهرين كانت مباشرة ، تساقط القتلي من الطرفين وتناثرت الأسلحة ، وجدت أمامها بندقية آلية سقطت من أحد الجنود الذى فر هلعا ، إلتقطتها وهي تتلفت ، أخفتها بين طيات ملابسها وأفلت عائدة وهي ترتجف ، حين وصلت لحجرتها جلست تتفحصها ، كانت تعرف القليل عن الأسلحة ، علمها أخوها قبل أستشهادة ، كان يداعبها قائلا ربما بعد أن نحرر القدس سنحتاج إليكن في الجيش ، فكرت أن تهدي حبيبها تلك البندقية سيفرح بها كثيرا ، أخفتها تحت سريرها بجوار دميتها ،
في صباح اليوم التالي داهم جنود الأحتلال المنازل وقبضوا علي كل رجل وشاب وفتشوا البيوت ، حين دخلوا عليهن البيت صاحت أمها فيهم ولعنتهم لطمها كبيرهم ، هرولت إلي أمها تمسح عن وجهها الدم ، نظر إليهن بإذدراء وخرج وهو يتمتم ، حمدت الله أنهم لم يفتشوا البيت بعدما تأكدوا من خلوة من الرجال، همست أمها لماذا لم تتركيهم يقتلونني ، ما قيمة حياة الذل تلك التي نحاياها ، قبلت رأس أمها ونظرة تحد أرتسمت بعينيها ، كانت قد عزمت على شيء كتمته في صدرها ، باتت ليلتها مستيقظة لم يغمض لها جفن ، بعد أن تناولت سحورها وصلت ، أتجهت إلي غرفتها ، سحبت البندقية بهدوء من تحت سريرها، تفحصتها مليا ، إلتقطت دميتها ضمتها لصدرها ، أنتظرت حتي بزوغ أول ضياء للصبح ، تأكدت أن أمها نائمة، تسللت وهي تخفي تحت ملابسها البندقيه ، وبيدها الأخري أمسكت بدميتها ،
حين بدأت رحلتها التي كانت تشعر أنها الاخيرة ،ترائى لها طيف حبيبها مبتسما ، سرت في جسدها رعشة ، كانت الشوارع هادئة تكاد تكون خالية من المارة ، فاليوم أخر أيام شهر رمضان وكثيرين لم يذهبوا إلي أعمالهم ، حين إقتربت من محيط المسجد ، لاح لها تجمع لثلة من جنودهم بوجوههم البغيضة ، كانوا متحلقين يتناولون فطورهم ، أقتربت في خفة ، كان قلبها يدق بعنف ، وأختلاط أصوات القتلي بالأمس مع صوت دفوف العرس التي حلمت بها دوما يطن برأسها ، سحبت البندقيه من بين طيات ملابسها ، بدأت في أطلاق الرصاص ، هلع الجنود بعد أن سقط منهم ثلاث قتلي ، هرولوا وهو يطلقون نيران اسلحتهم في كل إتجاه ، كانت تلاحقهم ببندقيتها ، تمكن أحدهم من إصابتها سقطت علي الأرض ، لكنها كانت لا تزال تطلق نيران بندقيتها ، عاجلها أخر بوابل من الرصاص ، إقترب منها الجنود بحذر ، كانت بلا حراك ودميتها بجوارها غارقة في الدم وأبتسامة وضاءة تنير وجهها .

تمت
















قهوة عصفور
حين سمع الحاج بركات بنية المعلم بكر عصفور هز رأسه في غضب ودق بعصاته علي الأرض عدة دقات وهو يترحم علي روح الحاج عصفور ،، أشار بيده لأحد الصبيه كي يحضر له بكر ،، لم تمض لحظات ألا وقد حضر بكر بصوته الجهوري وعبارته التي لاتفارقها البسمة ،، سلم علي سيد المعلمين كما كان يحلو له منادة الحاج بركات فرك يديه وهو ينظر إليه منصتا ، نظر إليه الحاج بركات وقد ظهر الغضب علي محياه ، همس بكر خير يا سيد المعلمين ، رد بركات وهو يحاول ان يكبت غضبه ومن أين سيأتي الخير ، هل صحيح ما سمعته من أنك ستحضر للقهوة بنت للعمل ، أومئ بكر برأسه وهو يهم بالدفاع عن قراره ، لم يمهله الحاج بركات ،أردف وهل الحاج عصفور رحمة الله عليه كان سيرضي بهذا ، أطرق بكر للأرض ولم رد ،
كان قد وقر في عقل بكر أنه لكي تتحول قهوة عصفور إلي كافتريا سياحيه تدر عليه الكثير فلابد من إحداث تغيرات جذريه كان أبوه يعارضه في تنفيذها ، وكانت أولي تلك الخطوات بعد أضافة أنشطه أخري غير المشروبات العاديه والشيشه ، كالحلويات والمثلجات والعصائر الطازجه ، هو أن يضيف روح للمكان وشكل انيق ، وقد رأي ان هذا لن يتأتي الا بتعيين فتيات للعمل في الأقسام الجديده وتقديم الحلويات والأيس كريم ، لكنه وبعد حديثه مع الحاج بركات تريث فهو لا يعلم كيف ستسير الامور وهو بعد أن أرتاح للفكره لم يجد من توافق علي العمل في الفتره المسائيه التي تمتد إلي الفجر فأكتفي بياسمين تلك الفتاه الهادئه والتي شعر بجديتها من أول يوم تقدمت فيه للعمل .
لم تكن ياسمين تسمح لأحد بتجاوز حدود كانت قد وضعهتا قبل أن تستلم عملها ، سواء من زبائن القهوة التي تحولت علي يد بكر إلي كافتريا تقدم الأيس كريم ، والحلويات الأفرنجيه ، وأطباق الحلوي الشرقيه بجانب الشيشه والشاي والقهوه والسحلب ، او حتي من زملائها وعلي رأسهم بكر الذي كان كثيرا ما يطيل النظر إليها وهو يقارن بينها وبين أم عياله ، لكنها سرعان ما كانت تسرع حامله إليه قهوته وهي تنظر إليه نظره كانت تجعله يرتبك وهو يداري خجله وكأنه تلميذ ضبط وهو يغش ، وكانت حركة يده التي تمتد لملابسه لهندمتها دون داع تشي بمكنون أفكاره ، فيقوم من فوره وهو يصيح بصوته الجهوري مناديا علي أحد صبيان القهوه ليوبخه بلا سبب ،
كانت أشهر الصيف علي الأبواب ، وهي أشهر تكتظ فيها القهوة بمرتاديها حتي ساعات الصباح الأولي ، ويكثر فيها الرزق والعمل ، ولعلم بكر بأن يا سمين لن توافق علي العمل لوقت متأخر فقد وافق علي تعيين سعد أبن اخت الحاج بركات كبير المنطقه في الكافتريا بمجرد أن إنتهي من أمتحانات الكليه ، ليأخذ مكان ياسمين في العمل المسائي ، وسرعان ما أثبت سعد جدارته بالعمل وجديته ، فكسب ثقة المعلم بكر وإحترام زملائه وقلب ياسمين التي كانت تكتشف كل يوم جانب من جوانب الجمال والرجوله التي يتمتع بها ، لكنها كانت متحفظه في أبداء مشاعرها حريصة في تعاملها معه ، هو أيضا لفت أنتباهه جديتها وأخلاقها قبل ان يجذبه جمالها الهادئ ، لكنه تريث في مصارحتها بمشاعره .
كانت سعادة بكر لا توصف وهو يري حلمه ينمو وإيردات الكافتريا تتضاعف والزبائن يتزايدون بعدما أشتهر المكان بما كان يقدمه من حلويات أصبحت تعد في ملحق خلف القهوه ويشرف عليها بكر بنفسه ، أو ياسمين في حال عدم تواجده ، لم يكن لطموح بكر حد ، كان يحلم بإفتتاح أفرع للكفتريا ، كانت أشهر الصيف قد قاربت علي الأنتهاء ، فأستأذن سعد منه أن يجد بديلا له لأنه سيعود لكليته فهو السنه النهائيه ، لمح سعد نظرة حزن بعين ياسمين ، فقررأن يتأكد من مشاعرها قبل أن يرحل عن المكان ، تنحي بها جانبا وقبل أن يتفوه بكلمه أخبرته نظراتها عن قدر الحب الذي تكنه له ، تعانقت نظراتهما للحظات ، قبل أن تهمس سأنتظرك ، مد يده إليها ليودعها ، أطبق علي يديها بيديه ، سحبتها في خجل وهي تهم بالعوده لمكانها في العمل ، تراقصت بعينيها دموع الفرح..
لم تحمل الأيام التاليه جديدا سوي إن الأقبال قد قل بأنتهاء موسم الصيف ، مما حدا ببكر إلي عدم الإستعانه بأحد مكان سعد ، اما سعد فقد واظب علي الحضور أسبوعيا لكن هذه المره كضيف يجالس بكر ويختلس من آن لأخر النظر إلي ياسمين ، في غفلة من بكر، حاول مره أن يدعوها للخروج معه ، لكن نظرة عتاب واحده منها جعلته لا يفكر في تكرار طلبه ، أما بكر فقد كان ذهنه مشغولا بقرار كان قد تراجع عنه عدة مرات ، لكنه أستجمع شجاعته في ليلة هادئه لم يكن هناك الكثير من الزبائن وانتحي في أحد الاركان علي طاوله منفرده بعدما أرسل في طلب ياسمين ، حين حضرت أشار لها أن تجلس ، حين أنتهي من كلامه ، كانت مرتبكه وهي لا تدري ماذا تقول له ، لم تتصور يوما أنه سيطلب يدها وهي التي تعتبره والدا لها لفارق السن بينهما ، ولعلمها بأنه متزوج ، سعل مرتين قبل ينقذها بقوله ، فكري انا لا أريد ردك الأن ، لكن لتعلمي أنني ساجعلك أسعد أنسانه في الوجود ، لملمت خجلها وحيرتها و وقامت صامته ،
مرت ثلاثة أيام لم تستطع خلالها أن تحضر للعمل ، لكن تلك الأيام كانت كفيله بأيصال ردها إلي بكر ، فأرسل لها كي تحضر ، لم يناقشها في الموضوع بل تبسم باسي وهو يسألها أن كانت تود الأستمرار في عملها أم إنها قد وجدت عملا أخر ، لم ترد فقام وربت علي كتفها وهو يهمس أعملي بجد كما كنت دوما وتناسي ما حدث ، نظرت إلي الأرض ولم تنطق ، أصبح بكر لا يحضر كثيرا كما كان ، وتحملت ياسمين مسؤلية الكافتريا كاملة ، وأصبحت تتابع كل شيء بنفسها ، دون كلل أو تذمر ، أما اليوم الذي كان يحضر فيه سعد فقد كان عيدا وكان النشاط يدب في أوصالها ، فتتنقل من مكان لأخر بخفة وكأنها فراشة ، كل من بالكافتريا كان سعيدا بها ويساندها ، ولم يكن أحد ليرفض لها طلبا ، حين طلبت أن تجرب صنع صنف جديد من الحلويات ، أفسح الجميع لها المكان وقفت تعمل بسعاده ، وهي تجهل ما يخفيه لها القدر ، شبت النار في المكان ، أسرع الكل بالخروج ، تعثرت ووقعت طالت النار وجهها .
حين أفاقت في المستشفي لمحت أمها بجوارها ، أغرورقت عيناها بالدموع وهي تستشعر الألم حين مدت يدها لوجهها المغطي بكامله ،تحركت عيناها ببطء ، لمحت سعد وبكر جالسين ، كان الحزن يغطي قسمات وجهيهما ، ربتت امها علي يدها وهي تتمتم بالدعاء ، اما هي فقد كانت عاجزه عن الكلام ، والضمادات التي لم تظهر من الوجه سوي العينين ، حين قام ودعها الأثنان وخرجا ، انصتت لصوت دعاء أمها قبل أن تغيب عن الوعي .
قبل إكتمال الشهر كانت قد تعافت ، الطبيب أخبرها بحاجتها لعملية تجميل ، بعد أن تشوه جانب وجهها ، أعتراها الحزن وهي تعلم أنها ليست قادره علي تكاليف العمليه وهي اليتيمه التي ترعي أمها ، وبالكاد يكفيهم الراتب الذي كانت تتقاضاه ، أما سعد فقد شعر بالعجز وهو يري حاجتها ولا يقدر علي مساعدتها ، كانت يا سمين تستشعر أنها فقدت وظيفتها فكيف ستواصل عملها بهذا الوجه ، وهذا كان يزيد من حزنها ، لكنها فوجئت بالطبيب يطلب منها الأستعداد لعمل العمليه ، لم تكد تصدق فأجهشت بالبكاء ، قرأ في وجهها السؤال ، تبسم الطبيب وهو يقول ليس مهما من دفع المهم أن تعودي لنا بالسلامه ، حين لمح أصرارها قال في إقتضاب بكر لقد تكفل بكل شيء ، دمعت عيناها وقد أطرقت للأرض ،
مرت الأيام ثقيله وهي تنتظر عودة وجهها لما كان عليه ، تعددت العمليات وطالت ليال الألم والإنتظار ، لم يكن يخففها سوي إطلالة سعد ، والتي كانت تحدث علي اوقات متباعده برره بأنشغاله بالأمتحانات، لكن ما كانت تعجب منه ولم تجرؤ أن تسأل سعد عنه ، هو إنقطاع بكر عن زيارتها ، كانت مشاعرها ممزقه بين حبها لسعد ومشاعر الشفقه و العرفان لبكر ، عمق هذا الشعور إبتعاد سعد قليلا وإنشغاله عنها ، لكن الأمل في شفائها وعودة وجهها كما كان جعلها تصبر وتتحمل ، وكم كانت دهشتها حين كشف الطبيب عن وجهها للمره الأخيره بعد أن أنهي كل عمله ، لقد أصبحت أجمل مما كانت قبل تعرضها للحادث ، بكت وهي تبتهل بالدعاء شكرا لله هي و أمها التي كاد قلبها ان يطير فرحا بما صارت عليه ابنتها ، وقبل أن تبدأ في حزم حقيبتها لترحل بعد أن امضت شهورا في المستشفي ، وجدت بكر أمامها مصطحبا شيخ وقور ظنته أبيه أو عمه ، اقتربت منه وهي لا تدري بأي كلمات تستطيع أن تشكره ، لكنه اشار إلي الشيخ وهو يهمس اشكري عمك الحاج بركات ، هو من قام بدفع كل التكاليف ، هوت علي يده لتقبلها ، متدت يده برفق لترفع وجهها وأبتسم وهو يقول ، هل لي أن أطلب منك شيئا ، ردت بسرعه بل أنت تأمر ياحاج ، قال هل تقبلي بالزواج من ابن أختي سعد ، احمر وجهها خجلا وهي تداري فرحة شملت كل جسدها ونظرت إلي الارض ، رفع بركات يده وهو يصيح أذن لنقرأ الفاتحه .
كان سعد منشغلا بإمتحاناته ، لكنه كان يعلم بترتيبات خاله بركات الذي وعده أن يحقق له رغبته شريطه أن يهتم هو بمستقبله ، بعد أسبوع كان لقاء الجميع في بيت ياسمين ، وبعد إعلان الخطبه رسميا وقف بكر صائحا وهو يقول لن أوافق علي هذا الزواج حتي تعدني يا سعد أن تكون حفلة الزواج في القهوه عندي ، نظر سعد لبركات الذي أومئ موافقا ، فقام سعد إلي بكر ليحتضنه وهو يردد وهل هناك أجمل من قهوة عصفور لكي أبدأ منها حياتي

تمت








السر الخفي
هاتفتني بصوت قلق ، أريد أن أراك اليوم ، توقفت أحرفي تعجبا وحيره ، لم تمهلني حددت الموعد والمكان وهي تلقي بالسلام مع إغلاق الخط ، أصابني بعض القلق ، فلم أعهدها هكذا وهي المبتسمة دوما ، هادئة الطباع ، حين وصلت لمحتها جالسة في ركن وقد إتشحت بغطاء لشعرها ونظارة شمسيه كبيره تغطي معظم وجهها ، تبسمت وأنا أقترب منها ، رمقتني بنظرة غاضبة ، زمت شفتيها قبل أن تبدأ في حديثها الذي شعرت بأن أحرفه تكاد تتقافز من بين شفتيها الغاضبتين ، كنت أستمع إلي كلماتها وقد أصابتني الدهشه والذهول ، حين أتمت حكايتها ، نظرت إلي في بلاهة وهي تسألني عن رأيى ، أعتلت وجهي حيرة وأنا أشعر بعجزي عن الرد . حين غادرتني كانت أفكاري مشوشة ، ودهشتي المختلطة بحيرة تلفني ، جلست أسترجع الحكايه وأنا أحاول أن أن أربط بين ما أعرفه عن زوجها صديق طفولتي ، وما حكته هي عنه الآن ،
هو شخصية هادئه عقلانية ، يتسم بصراحته المفرطة والتي توقعة أحيانا في الحرج ، لا يجامل لكنه ودود يبذل قصارى جهدة ليساعد صديق أو يعين محتاج ، برغم أنه نشأ في أسرة فقيرة إلا أنه أستطاع أن يبني ذاته ، أكمل تعليمة الجامعي ، وبمساعدة بسيطه من أخيه وخطيبته التي أصبحت فيما بعد زوجته ، أستطاع أن يبني صرحا ، أصبح مصنعه للملابس أحد أكبر المصانع في الوطن ، كان من القلائل الذين لم يفكروا في مغادرة الوطن لبناء مستقبلهم ، كان يردد من أراد أن يبني نفسه ويحقق النجاح فعزيمته هي الأهم وليس المكان ، كان في نظري مثالا يحتذى ، وكنت أحسده علي قوة عزيمته ، وعلي قدره الذي وضع في طريقة تلك المرأة ، كانت تعشقة ، وتؤمن به أيما أيمان ،
حين إنتهت دراستها للطب تزوجا ، كان قد بدأ في تنفيذ مشروعه منذ أشهر قليلة ، تركت حلمها الذي عاشته بأن تصبح طبيبه ، ووقفت بجوارة ، كانا يعملان سويا أكثر من خمسة عشر ساعة ، وكانت سعيدة بنجاحة ، تهاتفني كل فترة وصوتها يرقص فرحا لتبشرني بقفزة جديدة علي طريق نجاح زوجها وتعتذر عنة لأنه يشعر بتقصيرة في التواصل معي ، لم تفكر يوما في تضحيتها بعملها ومستقبلها كطبيبه من أجله ، كانت تعتبر أن هذا واجبها ، وإنه اقل ما تقدمه لحبيبها وشريك عمرها الذي أرتضته من بين كثيرين ، وخفق له قلبها وحدة ، كنت أستشعرها راهبه في محراب حبة ، حين كنت أحادثة كنت أستشعر حبة لها مع قدرمن الألتزام الذي عرف عنه وتميز به ، وكان هذا يسعدني ويطمئنني علي مستقبل علاقة أثنين من أقرب أصدقائي ،
لكل ماسبق كان حديثها معي بما حملة من مفاجأة ليس مما فعلة هو فقط وإنما من ردة فعلها هي أيضا والتي لم أكن أتوقعها علي الأطلاق ، حتي تأكيدها لي بألا أتحدث مع زوجتي أو زوجها بشأن ما روته لي كان محل دهشتي ، وكنت في حيرة من أمري وأنا أتساءل إذا كانت لاترغب في تدخلي فلما قصدتني لتحكي لي ولما أصرت علي إخباري بكل تلك التفاصيل ، قد أفهم تخوفها من أخباري لزوجتي وهي تعرف مدي غيرتها وإندفاعها ، أما زوجها فلما ؟، بقيت يومي أتساءل وأحلل الموقف برمته ، لكني لم أصل لشيء ، فكرت أن أتصل بصديقي وأستفسر منه ، لكني خشيت أن أتسبب في مشكلة بينهما ، وأخيرا أهتديت إلي فكرة لما لا أتصل بها ، ومن خلال حديثي معها ، يمكنني فهم الأمور بشكل أوضح
تنهدت حين سمعت صوتي ثم همست ما رأيك ؟ رددت بثقة أعتقد أنه مخطئ ولولا أنك طلبت مني عدم التحدث معه لكان لي موقف أخر ، ثم أردفت لكن أنت أخبريني ماذا ستفعلين؟ ، ذفرت في أسي وهي ترد لا شيء ، ثم صمتت قليلا وقد تملكني العجب وألجمتني المفاجأه ، ثم أردفت أنني أحبه وأعلم حق العلم أنه يعشقني ، وما فعله ليس إلا مجرد نزوه ، وأصدقك القول أنها ليست المرة الأولي ، فقد فعلها مرات ، ما ألمني هذه المره أنه فعلها مع أحدي صديقاتي ، وفي بيتي حين دعاها للغداء بعدما سافرت أنا لإنهاء أحدي الصفقات ، وجدتهما يضحكان وفي غاية السعادة ، المصيبة أنه لم يرتبك أو يخجل ، قام إلي وقبلني وهو يكمل حديثه مع صديقتي التي أرتبكت قليلا ، ثم غادرتنا ، أما هو فلم يتحدث في الموضوع ، بل بدا بسؤالي عن العمل ثم دعاني للخروج وتناول العشاء ،
قاطعتها قائلا ربما سلبيتك وعدم شعوره بغيرتك هي ما تدفعه لتكرار هذا ، صمتت برهه وقد لاقى كلامي صدى لديها ،لكنها ضحكت وهي تذكرني بغيرة زوجتي الجنونيه وما تسببه تلك الغيره من مشاكل جمه بيننا ، ثم أردفت أتظن ذلك ؟ قلت من خلال معرفتي به و بك أنا علي يقين من أن هذا هو السبب الوحيد ، ربما يريد أن يري غيرتك عليه ، تراقص صوتها فرحا وهي تشكرني وتودعني ،
مر شهر لم أسمع عنهما أي شيء ، وفجاءة وجدته يتصل بي ليدعوني وزوجتي إلي العشاء ، قبلت الدعوه شاكرا ، في المساء كنت على موعدي معهما ، لمحت السعادة تتقافز من أعينهما ،أما زوجتي فلم تكن تشعر براحه خاصة وهي تري أهتمام زوجة صديقي بنا ،حين قامت لإحضار الطعام ، مالت على أذني وهو تهمس ماذا بها اليوم ؟، لم أرد وأنا أدرى بزوجتي وغيرتها ، أومئت إليها أن تقوم لتساعدها وتسألها ، تبسمت وهي تغادرنا أنا وصديقي الذي فتر ثغره عن إبتسامه وهو يقول لقد تغيرت كثيرا زاد إهتمامها بي ، وأصبحت تغار علي حتي من زملائي أومئت برأسي مبتسما ، ولسان حالي ينعي حظه العاثر وما ينتظره ،
بعد أن أنتهينا من طعامنا ، قام لغسل يديه ، نظرت إلي نظرة ود وعرفان ، جعلت زوجتي تسأل بعصبيه ، ما بها اليوم ، نظراتها إليك مختلفة ، تصنعت الهدوء وأنا أعرف غيرة زوجتي ، ورسمت علي وجهي نظرة تعجب ولا مبالاة ، حين أجتمع شملنا من جديد أعتدلت زوجتي في جلستها وبدأت تتحدث ، لم تكن كعادتها ، فقد بدأت توجه حديثها إلي صديقي وتناقشه وتتصنع الضحك بين جمله وأخري ، داريت إبتسامتي وأنا الذي يحفظها عن ظهر قلب ، فقد أرادت أن ترد الصاع صاعين لزوجة صديقي وتشعل فيها نار الغيرة التي أحستها حين شعرت بنظراتها لي ، وهي لا تعلم سبب تلك النظرات ، لم تغضب زوجة صديقي ، أنتهت السهرة ،
في طريق عودتنا كانت هناك الكثير من الأسئله تنتظرني ، كنت أرد بإقتضاب جعلها تنفجر غاضبه ، لكني كنت أحاول أن أحفظ السر الذي أئتمنتني عليه زوجة صديقي ، تحملت غضبها وتلميحاتها ، وقد زاد هدوئي وردودي عليها من ثورتها ، ظلت عدة أيام وهي لاتحدثني ، لكني وجدتها وبدون مقدمات تطلب مني أن أقوم بدعوة صديقي وزوجته علي العشاء ، نظرت إليها في عجب لكني لم استطع أن أثنيها عن رأيها ، كنت أعرف إن وراء تلك الدعوه الكثير ، فكرت أن أتحدث مع زوجة صديقي من العمل لأطلب منها الحرص ، لكني تراجعت ، ربما راقني ما يمكن أن يحدث بينهما ، لكن وعلي عكس ما توقعت مرت الأمسيه علي أحسن ما يكون ، وقد راقني ذاك التقارب بين المرأتين ، فرغم طول مدة صداقتنا ، لم يحدث أن رأيتهم هكذا ، صديقي لم يعر الأمر إهتماما كبيرا ،
اما أنا فقد فضلت المراقبه عن بعد لأعرف السبب الحقيقي وراء هذا التقارب المفاجئ ، خاصة وأنا أرى عرى الموده قد توطدت بينهما علي مر الأيام ، وأصبحن يكثرن من الزيارات بينهن ، والتسوق سويا ، وقد بدأت أشعر بتغير زوجتي للأفضل ، فقد بدت أكثر هدوءا وأقل غيرة ، واختفت عصبيتها الزائدة ، وعلي الجانب الأخر بدا زوج صديقتي يحدثني عن زيادة إهتمام زوجته به ، وغيرتها عليه ، ورغم تحفظه وهدوءه الدائمين إلا إن السعاده بدت عليه ، وهو يحدثني عن التغيرات التي طرأت علي حياته مع زوجته ، وحرصها علي إسعاده ، وزيادة تعلقه بها وحبه لها ، بعدما تكاملت كل صفاتها التي كان يحلم بها، أما أنا فقد أنشغلت بعد فتره عن التفكير في أسباب التغيير ، وتفاصيل تلك النقله في العلاقه بينهما ، وبدأت أستمتع بما وصلت إليه العلاقه بيني وبين زوجتي ، وأعايش حالة العشق التي أعادتني إلي فترة الخطوبه ، أما ما حدث في تلك الليله وما دار بينهما من حديث فقد بقي لهذه اللحظه سرا ، يتهربن من البوح به كلما حاول أحدنا السؤال ، و يستبدلن الإجابه بضحكة أنثويه ماكره .
تمت












ذات النمله
جلس علي حافة النهر مسندا ظهره إلي شجرة الجميز العتيقه ، عيناه تراقبان تلك النمله ، رحلتها عبر جزع الشجره الملتف لم تتضح ، تسرع صاعده ، ثم لا تلبث أن تغير وجهتها ، شعر وكأنها تقوم بعملية تمويه، لم يعرف وجهتها بالضبط ، تسرع ثم تبطئ ، ظل علي حاله يراقبها ، مالت الشمس للمغيب ، وهو جالس القرفصاء و رأسه بين ركبتيه ، غلبه النعاس ، أفاق علي لدغه برقبته ، صرخ وهو يتحسس مكان الألم ،، شعر بها تسقط حين لامست يده رقبته ، ركض عائدا إلي البيت ، وعيناه دامعه من شدة الألم ،

صرخت أمه حين لمحته وقامت لتحتضنه ، أجلسته في منتصف الحجره ، ظلت تتمم بكلام مبهم وهي تدور حوله وحلقات الدخان المنبعث من المبخرة التي أحضرتها تكاد تخنقه ، في اليوم التالي لم تسمح له بالخروج للمدرسة ،عيونهم هي التي أصابتك بما أنت فيه ، لم يكن يلتفت لكلامها أو يفهم معناه لكنه كان سعيدا لأنه لن يذهب للمدرسة ، وسيريح نفسه من عصا أستاذ اللغة العربية ، خوفها المرضي عليه وإيمانها المطلق بالحسد وعيون الناس التي لا ترحم ، انتقلا إليه مع مرور الأيام ، كان كلما مرض يسرع إلي الرقية سواء أكان مرضه بسبب فيروسا أصابه أو بسبب العين ، وحين لا يتم الشفاء يرجع الأمر برمته إلي قوة عين الحاسد وشدة شره ،

مرت أيامه بين خوف أمه المرضي عليه من العين وبين تفوقه وعبقريته التي بدأت تتضح معالمها وهو يحصد جوائز التفوق ، وتنشر صورته في الصحف كأحد النابغين عن بلدته
، بنيته التي لم تكن قوية بطبيعتها ، أرجعتها أمه لعيون الحاسدين ، أما هو فقد كان شغله الشاغل كتبه ، ودراسته وحلمه بأن يصبح طبيبا ، لذا لم تكن شهيته لغير العلم تميل ، وكان لهذا أبلغ الأثر علي ضعف بنيته الجسديه وصحته ، وتعرضه للمرض في كثير من الأحوال ، لكن لم يمنعه هذا من التفوق والإلتحاق بكلية الطب كما كان يحلم.

حين عاد أول مرة من الكلية أستقبلته كعادتها بالبخور والتعاويذ ، كان مشوشا مما رأي في يومه الأول شباب وفتيات يتحدثون ويتصافحون يمزحون ، كانت صدمة أن يري هذا الأختلاط والتبرج من بنات كان يفترض بهن أنهن ذاهبات لمحراب العلم وليس لأحد الأعراس ، نشأته الريفيه المحافظة ، وحديث أستاذ اللغة العربية الذي كان أمام مسجد قريتهم في نفس الوقت ، يرن في أذنية ، لقد صدق الشيخ أقترب يوم القيامه ، سمعها تحدث والده : الولد راجع لونه مخطوف وعيونه مزغللة ، عيونهم ربنا يستر عليه ، أنا رقيته اليوم قبل ما يخرج وأول ما دخل ، تبسم وهو ينصت من حجرته لكلامها الذي يقطر حبا ، كما هي دوما معه ،

كان تكيفه مع زملائه بطيئا ، لكنه بدأ يتعود ، دماثة خلقه وإستقامته كانا السبب الرئيس في تكوين صداقات كثيرة ، وسرعان ما إنقلبت صداقته بإحدي زميلاته إلي علاقة حب ، تبدلت حياته على أثرها بشكل كامل ، لم يكن يتصور أن خفقان قلبه سيبدل حياته بتلك الصورة ، أصبح يمضي معظم أوقاتة بالجامعة وهو الذي كان يسارع بالعودة فور إنتهاء محاضراته ، أصبح أكثر هدوء وأقل كلاما ، سعادتة التي باتت واضحه علي ملامحه ، لم يكن يكدرها سوي أسئلة أمه المتكررةعن سبب إنشغال باله ، وقلقها من ضعف شهيته وسهادة الدائم ، حاول مره أن يحكي لأمه عنها لكنه تراجع فهو يعرف حق المعرفة ولهها عليه وخوفها المرضي من بنات البندر ولؤمهن ،

مرت أيام سعادته سريعه ،وبدأت الخلافات تدب بينهما ، إختلاف الطباع والبيئة التي إنحدرا منها ، كانت السبب في إفتراقهما ، حاول أن يتماسك ، لكنه لم يستطع ، أصيب بحالة حزن شديده ، أمتنع عن الذهاب للكلية ، وعبثا حاولت أمه معرفة السبب ، لكنها لم تتوقف عن إطلاق البخور في أرجاء المنزل ، ومواصلة رقيه بكل ما تعلمه من رقى ، كانت تمضي الليل باكية وهي تدعوا الله أن يحفظه من عين الحاسدين ،

أما هو فقد بلغ به الحزن مبلغه ، وضاق صدره وأصبح لا يخرج من حجرته ، يجلس ساعات محملقا في ركن الحجره بلا حراك ، حين دخلت عليه أمه وجدته محملقا في زاوية الحجره وهو يبتسم ، إلتفتت ناحية الركن لم ترى شيئا ، أشار بيده في براءه وهو يهمس ، أتراها ذات النمله يا أمي ، لم تفهم قصده ، أخذ يدها وضعها فوق رقبته تذكرت ، لعله يعني تلك النمله التي لدغته قبل بضع سنينن ، تبسمت وهي تربت علي كتفه بسعادة وصوته يداعب سمعها بعد صمته لعدة أيام ، خرجت تعد له الطعام ، أما هو فتابع محاولات النمله للصعود من جديد .

عاد لدراسته بقوه ، وقد عزم علي إدراك ما فاته ، كان فشل تجربته دافعا قويا ليحقق نجاحا في دراسته ، لقد تعلم من تجربته جيدا فأعطى كل وقته لدراسته ، وتلاحقت الأيام سريعا ، لتظهر نتائج الامتحانات ويكون هو أول دفعته ، لم يتفاجئ فقد كان إجتهاده واضحا ، أما أمه فقد أكدت عليه مرات ومرات ألا يذكر أمر تفوقه لأحد في البلدة ، وهمست وهي تؤكد وصيتها له عند خروجه يا بني كل لعيون عليك ، داري علي شمعتك يا ولدي ، كان دوما يبتسم وهو يستشعر فيض الحب الذي تغمره به ، فيكب علي يدها يقبلها ، وهي تمتم بالدعاء له ،

بات هدفه واضحا ، وقد وضع نصب عينيه الحصول علي شهادته بتفوق يتيح له أن يصبح أستاذا جامعيا ، وعمل علي تحقيق هذا بكل جهد ، مرت سنواته الثلاث وهو يحقق ما تمناه من تفوق جعله محط أنظار زملائه ، والكل يرشحه دوما ليكون الأول ، في بلدته بدأ البسطاء من الأهالي يلجؤن إلي الدكتور كما كان الكل يناديه ، رغم إنه لازال يدرس ، ولم يكن ليرد أحد ، مما جعل الجميع يلتف حوله بحب ، ويتمني له الخير ، لكن أمه لم تقطع عادتها في الرقية اليومية له ، وكان هو يتقبل هذا الإهتمام منها بسعادة ورضا ،

قبل إمتحاناته بعدة أيام أصابته حمي شديده ، أستمرت معه لفتره ، ومنعته من خوض الإمتحان ، وأصابت أمه بالحزن الشديد ، جزعا عليه ، وحزنا علي ضياع جهد عام من المذاكرة والسهر ، لكنها كفكفت دمعها حين رأته بدأ يتعافي ، وظلت ترقيه وهي ساهرة بجواره وتطمئنه بأن الله سيعوضه خيرا ، لكنه كان يشعر بحزن دفين وهو يرى حلمه وقد تباعد ، كانت يد أمه تمسح علي رأسه حين صرخ متألما ، رفع يده إلي رقبته ، حين تفحصت رقبته تبسمت وهي تربت علي رأسه وتهمس إنها مجرد لدغة نمله،

في نفس الموعد من السنه التالية ، أصابته الشقيقه ، أصبح ألم رأسه لا يطاق كلما حاول الدرس والإستعداد للإمتحان ، ذهب إلي الطبيب لم ينتهي شقاءه ، حارت أمه ، أقنعته بأن يذهب معها إلي أحد المشايخ ليرقية ، لم يجد بد وقد ألمه رأسه بشده وأصبح لا ينام ، لكن الألم أشتد ، ولم يفلح معه أي دواء أو رقيه ، كان قد بدأ يتسرب إلي نفسه الشك في أمكانية تحقيق حلمه إنها السنه الثانيه ، فكر أن يترك الكلية ، ربما هي عين أصابتة ، فما الداعي للمكابرة ، لكن أليس هذا حلم أمه أيضا ، كيف سيخبرها ؟ وهل إذا ترك الكليه ستنتهي مشاكله ؟ لم يعد قادرا علي التفكير،

في صبيحة اليوم التالي وجد أمه بجواره ، تبسم في أسى ، ربتت علي صدره وهي تدعوه ليقوم من سريره ويصطحبها ، خرجت به من باب الدار ، أوقفته في مواجهة شجرة عتيقة ، نظر إليها في تعجب ، سحبته من يده جهة الشجرة ، إنحنت علي جزع الشجره وهي ممسكة بيده ، نظر فاذا بنمله تحمل فوق ظهرها أكثر من حجمها ، وتتسلق الشجره صاعدة ، سقط الحمل إلي الأرض ، عادت مسرعة لتحمله ، سقط ثانيا عاودت الكرة ، نظرت أمه إليه بحنان ولم تنبت ببنت شفة ، تبسم وهو يقبل جبينها ويحيطها بذراعيه ،

حين عاد حاملا لشهادته ، وجدها في إنتظاره لترقيه ، جلس هادئا وقد بدأت تتمتم بأدعيتها ورائحة البخور تلف المكان ، قبلت رأسه في حنان وهي توصيه بأهل بلدته ، قبل يدها قبل أن يقوم ليصلي ركعتين شكر لله ، رمقته بحب وهي تحضر له طعامه ، حين رفع من سجوده شعر بدبيب علي رقبته ، مد يده أمسك بها ، بعدما إنتهى من صلاته ، أفلتها من بين أصابعه علي كف يده ، نظر إليها في حيرة ، أيطلقها أم يفركها بين أصبعيه فيقتلها ، كانت تتحرك علي كف يده في حيرة ، تناهي إلي سمعه صوت أمه تناديه ، وضع يده علي الأرض ، أسرعت هاربة ، أما هو فقد شعر براحه وهو يتجه صوب صوت أمه ملبيا ندائها .

تمت









بائع العرقسوس

حين لامست قدميه تراب الأسكندريه شعر بأن حلمه الذي رافق صباه قد بدأ يتحقق . كان مشدوها بكل ما حوله . لكن شغفة الأول كان أن يري البحرالذي سمع عنه مرارا ، ورأه في التلفاز لكن لم يكن قد سبق أن رأه أو صافحت نسماته وجهه ، وهو الجنوبي إبن إحدي قرى الصعيد ،، إتجه من فوره إلي الكورنيش بعدما سأل أحد المارة عن الطريق إليه ،كانت دقات قلبه تتلاحق وهو يحث الخطي . علامات الفرح المشوبة بلهفة كانت تعانق وجهه الذي غطته الدهشة وعيناه تلتقي بأموج البحر ، خطي خطوتين . خلع حذائه وحملة تحت أبطه وهو يسير صوب المياه ، أقترب أكثر فأكثر ..وأبتسامه أختلطت بدهشة اللقاء الأول .. مازالت تراوح علي شفتيه ؟، إنحنى يتلمس مياهه بحذر ، وبحركه لا شعورية رفع إصبعه إلي فمه .. إستعذب طعم الملح ،، جلس على الرمال قرب الشاطئ والسعادة تشمله ، لم تكن أحلام عاطف كبيرة ، والده الذي أحبه دوما كان يدعو له أن يديم الله عليه نعمة الرضا ، مكث عدة ساعات يحملق في الموج ،، شعر بالجوع تلفت حوله وجد أحد الصبية يحمل سبتا كبيرا وقد تراشقت علي جوانبه كعكات ، أقترب منه أخذ واحدة بعد أن ناوله ثمنها ، إبتسم والصبي يناوله ورقة بها بعض الملح ، جلس يتناول الكعكة في تلذذ ، حين إنتهي لمح على البعد شخصا يتجه نحوه حاملا إناء كبيرا علي بطنه وممسكا بيده طبقين معدنيين يحدث بهما جلبه منتظمة ومتكررة صائحا ( شفا وخميل – عرقسوس ) أشار إليه صب له كوبا كبيرا وهم بالجلوس ليستريح وهو يناوله أياه ..
تجاذبا أطراف الحديث بعدما عرف من لكنتة أنه صعيدي مثلة ، سأل عن أصله ومن أي العرابات هو ، إطمئن لحديثه ، وبشهامة أبناء الصعيد دعاه لبيته ، لكن عاطف أبى ، سأله أن يدله علي مكان يبيت ليلته فيه ، أصطحبه إلي بنسيون صغير قريب من بيته ، شكره وهو يودعه ، في صباح اليوم التالي خرج مبكرا وقد عزم أن يبحث عن عمل ، تلفت في كل زاوية باحثا عن مبني يشيد ، كان يسمع من كل من سبقه من أبناء عمومته أن العمل في مجال البناء متوافر وكثير ، لكنه لم يستدل علي أي مبني في محيطه ، كلت قدماه وشعر بالجوع يعضه من جديد ، لمح أحد المطاعم الشعبية ، توجه إليه من فوره ، كانت دهشته كبيرة وهو يجد نفس الرجل جالسا يتناول غدائه ، إبتسم له وهو يدعوه لطاولته ، جلس وقبل أن يهم بالكلام صاح طالبا له طبقا من الطعام ، باغته بسؤال عن العمل ، نظر إلي الأرض ، تبسم وصمت ، مرت اللحظات طويله وهو لا يعرف ماذا يقول ، حين إنتهي من طعامه هم بأن يدفع ، تبسم صاحبه ، وهو يهمس أنت ضيفي اليوم ،
حمل إنائه الكبير بحرفية أدهشت عاطف ، وسأله علي إستحياء هل هذا العمل مجز ، رد بإبتسامة عريضة الحمد لله ويكفي أنه رزق حلال ، سأله ومنذ متي وأنت تعمل ، تبسم وهو يرد منذ أن كنت في مثل عمرك ، أردف هل يروقك هذا العمل ، لم يرد ، أكمل صاحبه يمكنك أن تعمل معي حتي تجد عملا مناسبا ، إذا أحببت ، تركه ليفكر وذهب حاملا إنائة المعدني وأطباقة محدثا تلك الجلبة التي تلفت إليه أنظار الزبائن ، بات ليلته قرب الشاطئ مفكرا ، لقد بدأت نقوده التي حملها معه في رحلته تتناقص ، لم يعثر على عمل بعد وربما طالت المدة حتي يجد عملا، ظل يعمل فكره حتي أقتنع تماما بفكرة عمله مع صاحبه الجديد جابر بائع العرقسوس ، حين إلتقاه صباحا ، أخرج منديله الذي يربطه بحرص علي ما بقي معه من نقود ، وأخرج كل ما فيه وناوله لجابر ، طالبا منه أن يقبلة منة كدفعة من ثمن الأدوات التي سيوفرها له ليشاركة العمل ، حاول إعادة النقود إليه ، أصر علي موقفه وهو يقول أعلم أن هذا المال ليس كافيا لكني سأعتبر الباقي دين في رقبتي ، أسدده لك قريبا ،
لم تمر سوى أسابيع قليله كان قد اتقن خلالها فنون مهنته ، وتوطدت عرى صداقته بجابر صاحبه وشريكه، في جلسة هادئه لهما في إحدي المقاهي ، شعر جابر بألم في ظهره ، قام مستندا علي زراع عاطف ، أوصله إلى منزله الذي لم يكن بعيدا ، حاول عاطف الإستئذان لكن جابر أصر علي أن يدخل لتناول الشاي ، كاد أن يتعثر في خجله وهو يخطو خطواته الأولي في بيت صديقه ، ألقي بالسلام وهو ينظر للأرض ، جلس قبالة سرير جابر وهو يشد من عزيمته ويطمئنه بإنها شدة وستزول ، لكن جابر كان يبتسم ويهز رأسه وهو يعلم أن الشيخوخه بدأت تنشب أظافرها في جسده ،
عاوده الإرتباك والشعور بالخجل وبدريه زوجة جابر تقدم له الشاي ، تناوله وهو يتمتم شاكرا ،ونظره إلي الارض ، أما هي فقد ناولة زوجها الشاي ثم جلست ، هتف جابر قاطعا الصمت بدريه ست جدعه يا عاطف ، وهي معي علي الحلوة والمرة ، ورغم فرق السن بيننا ورغم إن الله لم يرزقنا بذرية ، إلا إنني لم أري منها إلا كل خير منذ تزوجتها ، هز عاطف رأسه وهو يؤمن علي كلامه دون أن يرفع نظره عن الأرض ، حين إنتهي من شرب الشاي هب واقفا وهو يستئذن في المغادره ، لم يقدر جابر علي القيام ، إصطحبته بدريه إلي الباب ، بعدما خرج من الباب إلتفت ليغلقه وقعت عينه عليها ، إمرأه في الثلاثين تتفجر أنوثه وجاذبيه ، علي وجهها مسحة حزن مشوبه برغبه ، إزدرد ريقه وهو يستدير مغادرا في سرعة ،
مر يومان شعر خلالهما بأنه يجب أن يطمئن علي جابر رغم خجله ، حين إنتهي من عمله أصطحب كيسا من الفاكهه وأنطلق إلي بيت جابر ، إستقبلته زوجته بإبتسامه وضاءه وهي في كامل زينتها ، حين دلف من الباب همست لقد انتظرناك أمس ، حث الخطي إلي حجرة جابر ، حاول القيام لتحيته لكنه أسرع إليه يسلم عليه ويحتضنه معتذرا عن عدم تمكنه من الحضور قبلا ، سأله ألن تذهب لطبيب ، تبسم جابر وهو يجيبه ولما ؟ أنا طبيب نفسي ، ألم الظهر هذا نتيجة حملي للعرقسوس ، وسيزول بعد بضعة أيام لا تقلق ، أردف عاطف أنني أحاول حل هذه المشكله ، إعتدل جابر قليلا وهو يصغي السمع متسائلا وكيف هذا ؟ أكمل عاطف لقد إتفقت مع سوكه النجار علي صنع عربة خشبيه صغيره تحمل عنا إناء العرقسوس وبها أيضا مكان لشراب الخروب ، كالتي رأيناها سويا ، وقلت إنها ستكلف الكثير ، لكني أحضرت الخشب لسوكه واتفقت معه و لن تكلفنا كثيرا ، تهلل وجه جابر بالفرح وهو يتمم شاكرا ، أما بدريه فكانت قد أعدت عشاء أحضرته وهي تخاطب زوجها أظن إن عاطف لن يرفض أن يتناول العشاء معنا ، وعبثا حاول عاطف التنصل من دعوتها ، جلس مرتبكا وهو يحاول أن يهرب من نظراتها الجريئه نحوه ، وبينه وبين نفسه كان يتمني سرعة شفاء زوجها حتي لا يضطر للحضور إلي البيت لاحقا ،
حين تماثل جابر للشفاء كانت إحدي العربتين قد أصبحت جاهزة ، ساعده عاطف علي تجهيزها ودفعها ليبدأ رحلته اليوميه في طلب الرزق ، إحتضنه جابر وهو يتمتم لو كان لي ولد ربما لم يقم بما قمت أنت به من أجلي ، أما عاطف فلم تمض سوي أيام قليله إلا وقد استلم العربه الثانيه وبدأ في عمله الذي أصبح يدر عليه الكثير ، وقد أشار عليه جابر أن يسكن شقة صغيره كانت قد خلت في نفس البيت الذي يقطنه ، تردد عاطف في البدايه لكن إصرار جابر حعله يوافق في النهاية ، حين أحضر أغراضه القليلة من البنسيون الذي كان يقيم فيه بغرفة مشتركة ، طلب منه جابر المفتاح لتقوم زوجته بتنظيف وترتيب الشقه ، حاول أن يرفض لكن جابر أصر ، شعر لأول مرة إنه قد وجد عائلة بعدما ودع عائلتة في الصعيد عند حضوره ،
عند عودته من عمله مساء وجد الطعام قد أعد ووضع علي طاولة صغيرة ، أكل بتلذذ وهو يشعر بأن أدميته التي أنتقصت من يوم حضورة وسكنه بغرفة مشتركه ، قد بدأت تعود إليه من جديد ،
مضت الأيام وهو يشعر بأن دعوات أمه له قد بدأت تتحقق ، وبدأ يدخر مالا ويفكر في إمتلاك أحد المحال لتأمين مستقبله وتحقيق حلم والدة في نجاحه ، ولم يلحظ خلال تفكيره في مواصلة تحقيق حلمه زيادة إهتمام بدريه به وبكل ما يخصه وعنايتها الفائقه بملابسه وطعامه ربما أكثر من إهتمامها بزوجها ، كان يكد طوال اليوم ولم يكن ليهدأ لحظه واحدة ، حتي أصاب العربة عطب إستلزم يومين لأصلاحها ، فقرر أن يستريح في البيت ، لكنه حين إستيقظ ألجمته الدهشه وهو يري بدريه في حجرته تبتسم في دلال وهي تنظر له ، لملم ملابسه وهو مرتبك لا يدري ما يقول ، لكنها وبلحظه واحدة كانت قد أقتربت من سريره ووضعت يدها فوق رأسه وهي تداعب شعره ، إنتفض واقفا وهو يحاول الإبتعاد عنها ، لكنها لاحقته وحصرته في ركن الغرفه ، إزدرد ريقه وهو يتمتم لايصح ، إن جابر أخي وصديقي ، زوجك ، كان شيطانها قد تملكها ، إقتربت منه بجسدها ، حاول الإفلات ، همست بصوت ملؤه الرغبه لقد أغلقت الباب ، فأين ستذهب ، شعر بضعفه للحظه ، لكنه سرعان ما أستجمع قواه ودفعها عنه بعيدا وقعت علي السرير وإنكشف القميص الذي كانت ترتديه عن جسد بض مثير ، أدار وجهه وإتجه إلي صنبور الماء في ركن الغرفه ووضع رأسه تحته ، ثم تناول كوب من الماء البارد ورشه عليها ، تفاجأت بتصرفه لكنه حين عاود رش الماء غضبت وصاحت متوعده إياه ، لم يلتفت إلي تهديداتها ولا سبابها له ومعايرتها له بأنه جلف وسيظل كما هو ، غادرت حجرته وغضبها لازال يتقافز من فمها وعينيها ، بعدما هدأت نفسه قليلا ، جلس واضعا رأسه بين يديه وأجهش بالبكاء ، قام توضأ وصلي ثم جلس يفكر مهموما وهو يحسب ماذا ستقوله بدريه لزوجها وكيف سيصدقه إن قال الحقيقه وإن صدقة فماذا ستكون النتيجه ،
لم يبرح مكانه حتي أطل الليل بستره ، سمع دقات علي الباب ، إرتجف قلبه وهو يقوم ليفتح الباب ، وجد جابر قبالته ، نظر إلي الأرض وهو يدعوه للدخول ، تنهد جابر وهو يهم بالدخول ، مرت لحظات صمت بين الرجلين ، كانت ثقيلة علي كل منهما ، شعر عاطف بأن كلماته تأبي الخروج لكنه لم يطق الصمت أكثر ، حين إنتهي من حديثه وهو يقسم علي صدق كل حرف نطق به ، هب جابر واقفا وفتح زراعيه ، أحتضنه ، وهو يري الصدق مختلطا بدموعه ، ألقي برأسه فوق كتفه وهو يجهش بالبكاء ، داري جابر دمعه كانت قد بدأت تطل من عينه وهو يدفعه بيده ويصيح البكاء لم يخلق للرجال ، إستدار ليخرج بعد أن ودعه ، حين أغلق الباب ، شعر براحة ، قام لصلاته ، ثم أسلم نفسه للنوم .
في الصباح خرج ليتسلم عربته ويسعي لرزقه ، ظل فكره منشغل طوال اليوم بما قد يكون حدث بين جابر وزوجتة ، في المساء كان لقائه بجابر ، إمارات الحزن التي إرتسمت علي وجه جابر أقلقته ، تنهد جابر وهو يدفن رأسه بين يديه ، أما عاطف فرغم صغر سنه وقلة خبرته في الحياة فقد كان يشعر بحيرة صديقه ، ويدرك الهم الذي أصابه ، وبل لقد ظن أنه لولا معرفته بجابر ربما لم يحدث ما حدث ، ولبقي بيت جابر هادئا، وقد أصر بعدها علي ترك سكنه والإنتقال إلي مكان أخر ، ساعده جابر علي الإنتقال لكنه أكد عليه إلا ينقطع عنه، ورغم أن مشاعر جابر كانت تشطره بين حبه لعاطف الذي يعتبره إبنا له ، وبين حبه لزوجته برغم ما فعلته ، ورغم تأكده من خيانتها بعد حديثه معها ، إلا إن العشرة التي كانت بينهما وصبرها ووقوفها إلي جانبه معه طوال سنوات ، كل هذا جعله عاجزا عن إتخاذ قرار بسرعة،
مضت الأيام وهي تباعد بين الرجلين ، وإن حاولا ألا تنفصم عري الصداقة التي جمعتهما ، حتي ذلك اليوم الذي تجمهر الناس أمام بيت جابر ، كان عاطف قد أنهي عملة وفي طريق عودته لمح من بعيد ألسنة اللهب تتصاعد في السماء ، هاله المشهد ، ترك العربة جانبا وأسرع يعدو ، حين وصل كانت النار قد أتت علي كامل البيت القديم ، سمع همهات ، لقد إنتحرت ، لا بل لقد اشعل فيها زوجها النار ، لكن أين جابر ؟ ربما أحترق معها في الداخل ، لقد سمعنا صوت إنفجار هائل ، ربما لما يكونا هناك ؟ كان الجميع يدلوا بدلوه دون سابق علم ، ولم يستطع عاطف فهم شيء ، حين أنفض الجمع ، لملم عاطف حاله وجر قدميه وقد أستولي عليه حزن عظيم وهو لا يري لجابر أثر ،
بعد عدة أشهر من الحادثة لم يكد عاطف يصدق عينية حين لمح جابر أمامه ، إندفع إليه يحتضنه ، وقد شملته السعادة ، كان جابر منهك و الشيب قد عض رأسه وأثار الشيخوخه طغت علي الوجه الحزين ، أجلسه بجواره وهو يحاول أن يسحب من فمه الأحرف ، لكن جابر كان يبتسم في ذهول ولا يرد ، تابع عاطف حديثه ، أين كنت ؟ وماذا حدث ؟ وتوقف للحظه قبل أن يكمل ، وهل أنت من فعلها كما يقولون ؟ أو إنها كانت حادثة ، هز جابر رأسه في لا مبالاة ، ولم يرد ، أدرك عاطف أن صديقه لا يريد أن يتحدث فيما وقع ، قام معه وهو يسنده بذراعه ، همس جابر لعاطف أريد أن أذهب للكورنيش ،
حين صافحت نسمات البحر وجههيهما ، أنحدرت دمعه من عين جابر ، حاول مدارتها ، أما عاطف فقد نظر إلي السماء مبتعدا بنظره عن دموع صديقه ، تناهي إلي سمعه صياح أحد الصبيه ،أشار إليه ، دس في يده بضعه قروش وهو يناوله كعكتين وورقه بها بعض الملح له ولصديقه .
تمت









طيف الغريب

كنت قد سئمت العمل يوميا لوقت متأخر ومن ثم التوجه الي مكتبتي الصغيره بالمنزل لمعانقة أحد الكتب حتي موعد نومي الذي يحين بعد صلاة الفجر,، لذا فقد قررت أن أعطي لنفسي عطلة إجباريه لأكسر حاجز الملل الذي كان قد بدأ يحيط بي ، حين إستيقظت صباحا كنت قد نسيت ما عزمت عليه بالأمس ، أغتسلت تناولت قهوتي وأنا أرتدي ملابسي مسرعا ، وذهني منشغل بما سأفعله بالعمل كالعاده ! عند إقترابي من الباب لمحت صورتي بالمرآه ، ذكرتني علامات الإجهاد علي قسمات وجهي بما كنت أنتويته أمس ، أرتسمت علي وجهي إبتسامة رضا وأنا أتوجه لسيارتي لبدأ عطلتي ،
قدت علي غير هدى كنت أتوق لممارسة أقصي درجات الحريه والتمرد ، لم أحاول أن أخطط للقيام بشئ محدد ، شعرت بأني بحاجه للأنطلاق دون خطط مسبقه كالتي أضعها كل يوم لعملي ، شعرت براحة وأنا أنطلق في طريقي دون أن يكدر صفو تفكيري أي مشاغل أو هموم
إلتفت بعفويه لسيارة تسير بجوار سيارتي ، لمحت شخص متجهم يقود بجديه وبجوارة سيدة تثرثر ، ينظر إليها بضيق من حين لأخر ، تخيلت الحوار بينهما ،يبدو أنهما زوجان ، تلومه في عصبيه وهي تشيح بيدها ، ربما قلة أهتمامه بها وبطلباتها ، تطرق برأسها ، وهي تتمتم يبدوا أنها تذكره بأيام الخطوبه وكيف كان يعاملها ويلبي طلباتها حتي قبل أن تطلبها ، يغمغم بكلمات تشي قسماته بغضبه ، وكأن لسان حاله يقول وهل أنت هي التي خطبتها يوما ؟،
حين إلتفت للمره الثانيه كانت إبتسامه هادئه تعانق شفتيها ، وهي تهم بأطعامه بيديها ، تغيرت نظرتي للأمور ، يبدوا إنهما عاشقان يحلمان ويعيشان قصة حب بجميع متناقضاتها ، تجاوزتهما بسيارتي ، لم يمض وقت طويل حتي وجدتني بمحاذة شاحنة عملاقة يقودها سائق مفتول العضلات ، يتملل في جلستة من آن لأخر ، يطلق بوق التنبيه بسبب وبدون ، حاولت أن أتخطاه ، رمقني بنظرة غاضبه وهو يسرع أكثر ، هدأت من سرعتي وأنا أبتسم له في ود مفسحا الطريق له ، نظر في تعجب وقد راقة ما صنعت ، أشار لي بيده كي أمر .
فجأه وجدتني بمحازة الكورنيش ، أغمضت عيناي لبرهة وأنا أستنشق الهواء بعمق ، كانت أشعة الشمس تخترق الأمواج برقة ، والزرقة التي تنعكس علي صفحة الماء تبعث في نفسي سكينة ، فكرت أن أترجل من سيارتي ، لكنني تراجعت في اللحظه الأخيره ، كنت مستمتعا بإنطلاقتي ، لكن حين لمحته وهو يعبر الطريق مشيرا بعصاته ، أبطأت من سرعة السيارة ، وأنا أستعد للتوقف ، عدت مسرعا إليه ، أمسكت بذراعه وأكملت معه عبور الطريق ، ثم أجلسته علي كرسي بمواجهة البحر، تبسم وهو يشكرني ، وهمس مازحا أنت فاكرني أعمي ، ربت علي كتفه وأنا أسأله اذا كان بحاجه لشيء ،لا أعرف أين تقابلنا قبلا لكني كنت علي ثقة بأنني إلتقيته قبلا بعدما إبتعدت عدة خطوات وجدتني أتوقف ، عدت أدراجي لأجلس بجواره وقد أستشعرت بأنه بحاجه لأنيس ، جلست بجواره وربت علي ظهره ، هز رأسه في رضا ورفع رأسه وكأنه ينظر إلي الأفق ، رغم النظاره السوداء التي كانت تغطي عينيه ، شعرت بإبتسامه تحاول أن تعانق شفتيه ، ساد صمت لبضع دقائق ، كنت خلالها أفكر لماذا توقفت ؟ ولماذا جلست معه ، قطع الصمت بسؤاله عن حالة الموج ، قبل أن اجيب أستطرد أظنه عاليا الهواء شديد اليوم ، أومئت موافقا وكأنه يراني ، ثم سألته هل تأتي إلي هنا كل يوم ، هز رأسه في نشوة وهو يجيب كل يوم ، ثم أردف ألم نتقابل قبل اليوم اشعر بأن صوتك ليس بغريب علي أذني ،
مرت لحظات صمت قطعها بصوته الذي بدا ودودا ، وهو يعرفني بنفسه ، ثم أردف كنت أعمل طبالا في إحدي الفرق ، لكني الآن تبت والحمد لله ، سمعت الشيخ في خطبة الجمعه يتوعد العاصيين بجهنم ، من وقتها تركت العمل ، وقد وعدني الشيخ أن يجد لي باب رزق حلال ، علي كل حال أنا لم أكن سعيدا بهذا العمل ، كان هناك الكثير من التصرفات التي تزعجني ، ولم أكن أقدر علي شيء لعجزي وقلة حيلتي ، لم أستطع تعلم حرفه أو إيجاد عمل غير هذا ، ولا أخفي عليك كان هذ العمل يدر علي الكثير ، ثم توقف فجاءه وهو يعتذر عن إسهابه في الحديث ، و توجه إلي بسؤال وأنت يا أستاذ ماذا تعمل ؟ أنتبهت لسؤاله بعدما كنت مصغيا إلي حديثه ، ثم أجبته صحفي أعمل باحدي الصحف ، أكمل حديثك ربما أكتب عنك وعن حكايتك في الصحيفه ، هز رأسه في عجب وأشرأب عنقه زهو يسال من جديد ، والشغلانه دي بتكسب كويس ، فتر ثغري عن إبتسامه وأنا أجيبه مستوره والحمد لله ، ساد الصمت من جديد ، بعدما سرح كل منا بخياله ونحن جالسين قبالة موج البحر وهو يزبد ويرغي .
قطع الصمت صوت ضحكه أنثوية صاخبة مرت صاحبتها بجوارنا ، إلتفت لأرى صاحبتها ، وتبعتها بنظري قبل أن أعود لرفيقي وسؤاله الذي ألقاه بعفويه ، هي حلوه ؟ دهشت من سؤاله ! لكني حاولت إخفاء دهشتي حتي لا إشعره بحرج ، لكنه فاجأني وهو يستطرد في حديثه والإبتسامه لم تفارق شفتيه لا تتعجب فلم أكن كفيف طوال عمري ، لقد كنت دوما أتمني أن تجمعني قبلة بأي أمرأه ، وددت لو عشت هذا الشعور وأحسست بتلك النشوه التي يتحدثون عنها ، ثم صمت برهه قبل أن يوجه سؤاله لي – هل جربت أنت هذا الاحساس ؟ صدمني سؤال وأنا الكاتب الذي يكتب عن الحب والعشق والعلاقات بين الناس ويصف ادق المشاعر ، لكنه وفي نفس الوقت فاشل علي الصعيد الإجتماعي والعاطفي ، لم يقم يوما علاقه مع اي فتاة ، حتي انني لم أفكر في الزواج ، كرر سؤاله وهو يتحسس الكرسي وظنا منه إنني غادرت ، إنتبهت ليده ، طمأنته وأنا أجيبه وأربت علي كتفه ، إنني لم أعش هذا الإحساس يوما فأنا غير متزوج ولست علي علاقه بأي أمرأه ، لقد كان وقتي كله لدراستي ثم لعملي بعد ذلك ، ظهرت إمارات الخيبه علي وجهه وهو يرد - خسارة – كنت أظن إن شخص مثلك سيكون الأقدر علي وصف هذا أساس عاشه هو وعجزت أنا عنه !
سألته لكن لما لم تفكر أنت في الزواج .. دق الأرض بعصاه في ضيق وهو يحاول مدارة إبتسامة ساخرة أطلت من قسمات وجهه وهو يجيب هل تجد من ترضي بعاجز مثلي ... ناهيك عن إني غير قارد علي إعالة نفسي فما بالك بالزواج والأولاد ، ثم توقف هنيه لكن لا تظن إني غير راض بالعكس أنا مؤمن بقضاء الله وقدره وقد سمعت الشيخ يردد إن من يرضى بحرمانه من نعمة البصر فليس له عند الله من جزاء الا الجنه وأنا صابر وراضى ، ثم إلتفت إلي مجددا وهو يضك ويقول هي كانت حلوه .
حديثه جعلني إدرك أنني ظللت كل تلك السنوات أسير في اتجاه خاطئ ، ما فائدة نجاحي في عملي الذي لم يحقق لي إلا قدر ضئيل من السعاده ، لما لم ألتفت يوما إلي حياتي وأحاول تنظيمها ، لما لم أحاول أن أعيش حياتي كما ينبغي وليس كما أخترت وحصرت أهتمامي بعملي وفقط ؟ ونسيت إني أنسان يحتاج للحب .. للعلاقات السويه للصداقة التي لم أعرفها يوما في خضم تركيزي وعملي المستمر ، نظرت إلي الموج وأنا احاول مراجعة كافة حساباتي من جديد ، مرت عدة دقائق قبل أن انتبه إلي إختفاء رفيقي ، لم اشعر برحيله وأنا منشغل بالتفكير ، قمت إلي سيارتي ،سلكت طريق العوده ، حين وصلت أدركت أني لم أنتبه لأي شخص خارج السياره ، كان فكري منصب علي محاوله إحداث حالة من حالات التغير في طريقة حياتي
بعد عدة أشهر حين عدت إلي نفس المكان وكنت بصحبة زوجتي الحامل ، لم أجد أثر لرفيقي الكفيف ، ورغم تكرار مروري علي نفس المكان لعدة أشهر تاليه لم يصدف أن قابلته .. شعرت بعدها أنه ربما أختفي إلي الابد
تمت















قالو عن قصص المجموعه

اشرف نبوى
مدير التصوير .. مش عارف ...لأ ..مخرج

أقول لك ...كاتب السيناريو ... نعم أفضل
الهم العام
سيناريو ... انكسار فيلم تسجيلى راااائع

يؤوخ لنا جميعا بسرعه خاطفه من 67 الى فرعون العصر
الحديث رائد الاسره الــ 31 فى تاريخ مصر
اجدت الوصف وباحساس عال جدا
هوه ده بقه اشرف نبوى
العاشق بجد
احمد حاتم

اشرف نبوى
لقد اخذتنى حقا فى رحلة عبر انكسارت رحلة رأيت فيها معنى الألم والحسرة
سردك الجميل جعلنى اسبح بين فترات الزمن والتاريخ بسهولة ويسر وكأننى اعيشها واعيش تقلباتها النكسة ، الإنفتاح ولحظات من السعادة الخاطفة فى حياة البطل
قلمك تألق حقا حينما قام بعرض جميل لأنكسارات كل مرحلة من مراحل تاريخية يمر بها الوطن الى الآن وها قد انتهى البطل وانتهت اخيراانكساراته بين جوعى رغيف الخبز
ترى ماذا سوف يرى الحفيد من انكسارات قادمة ؟!!!!!!!!على امل ان تزول قريبا ان شاء الله
خالص تحياتى لك

شهيناز فواز
===============================
استاذي..أشرف النبوي
وجدت قصة انكسار يلو الآخر
وجع يلو الوجع عيني دمعت
وقلبي نهشه الوجع
بطلك جعلته يرى كل انكسار من يوم النكسة
وكأن بطلك هو شعب مصر ذاته

بتفاصيله الموجعة

لقد كتبت شعب مصر يااستاذي
..
...دام التميز الرائع
مع خالص احترامي وتقديري لشخصك المبدع..

د / اسماء علي

الأديب الأريب والشاعر القدير / ألأستاذ أشرف نبوى

جسدت فى قصتك بشكل سلس جدا وتسلسل منطقى للأحداث
معاناةشعب على مر السنين وأتيت بخاتمة ترجمت معنى ومضمون
القصةبموقف مؤثر جدااا معبرا عن نهاية حتمية لا مفر منها عند
استمرار هذا الانكسار

أستاذى الفاضل

أسجل اعجابى بتنوع كتاباتك وتعدد أفكارك وموهبتك المبهره

فى انتظار جديدك
نور


أشرف نبوي
..
من المعين اليومي ، الذاتي ، الجماعي ، الاجتماعي ، الاقتصادي ، السياسي ، اجدك هنا تنهل مادتك ، لتؤرخ لذات عانت ، لكن بالامكان ابشقاط تلك الذات على العام ، لكونها تمثل الغالبية من افراد الاجتماع ، لقد اتقنت في الربط بين الطموح ، وبين الرغبة في الصوصل ، وفي الاجتهاد من اجل تحقيق المراد ، وكذلك في الاهتمام بقضايا الوطن (العام) ومن ثم الاهتمام بالحياة اليومية التي تعمق الحالة النفسية للفرد ، اعجبني هذا الاشتغال العام على النص ، والذي خلق جوا خاصا ، رغم تداعيات الانكسار فيه ، الا انه اورث في ذهن المتلقي نوعا من الطمأنينة للنزوع نحو فكرة الموت ، والتخلص من تبعيات هذه الحياة التي لم تعد تجدي مع الانسان في ظل تواتر هذه الانكسارات عليه وعلى ما حوله.

جوتيار تمر


سلسله من الانكسارات المتتاليه
وكأنه قد تم استنساخ عشرات الملايين من تلك السلسله حتى تكفى ذلك الشعب المكلوم...
المذهل فى قصتك....والواقعى فى ذات الوقت..
هو اننى لم اشعر بأنها قصه من خيال كاتب مبدع متمكن مثلك...
وانما احسست كأننى اقرأ تقريراً عن حياة مواطن مصرى طالته انكسارات بلده كما طاله نسيان حكامه من قبل...

أستاذى البارع....
مضى وقت طويل قبل ان أعلق على رائعه من روائعك...
وأعلم اننى المقصر..
ولكن عذرى اننى لا اترك حرفاً تكتبه الا وقرأته وتعلمت منه...
تحياتى وتقديرى واحترامى

د/ حسام

لا انكسارات بعد اليوم
وقد كسر هذا النص مابقي من أمل في نفس هذه الليلة المتعبة
جميلة قصة الحياة المتعبة
..
والأجمل أن النهايات ماعادت تأتي سعيدة ...
للغد أقول

ابتسم .. سيأتيك أشرف بنص جديد يداعب وجنة الشمس وتنسى حزن ليلتك
.
سلمت يداك يا اشرف
رائع كعادتك

لينا عبود

رقي الحرف تجلّى هنا رغم الانكسار
أخي الأديب الراقي أشرف
كل الشكر لك ودعائي لك بالخير الدائم
دمتَ بخير
عبد الخالق الزهراني

اشرف انت رائع و انت تسكب الماء على الزيت الساخن .. تهب الفطرة لونا يمتزج بعاطفة اللامحدود .. ترتمي بين احضان المفردات .. تمرغ ابداعك بماء الورد .. ثضيء العتمة المشرقة بلونها الانثوي الثائر على حدود الممنوع المقبول .. تتزود انفاسا انسانية .. تحدد معالم الذاكرة .. تسقيها ريحانة و ماء و دخون ..
سندرا



عندما يصبح الماضى جزء حميما من تاريخ الانتماء جزء اصيلا من تاريخ وطن يصبح من الصعب ان ننسى ونشعر ان الف عمر يضاف الى اعمارنا وتصبح نعمة النسيان أمل صعب المنال
لقد جذبته عجلة الزمن فلم يعد يملك تاريخا فى الذاكره ولكنه اصبح جزء من ...تاريخ وطن
نعيش لحظة الحزن نتخيلها الاخيره او نظنها الاقسى فترحل ونستمر ويأتى غيرها لنتخيله الاقسى ثم ترحل ونستمر ونظل هكذا حتى تكتمل الصوره وتكتمل سبحة الاحزان فننسحب لبؤرة صراع صعب تحملها معلنيين رفضنا لانكسارنا فنغلق سبحة احزاننا باخرها واجملها ....بالرحيل
استاذنا الجميل اشرف نبوى
كعادتك رائع وكعادتى لااستطيع ان امنع نفسى من التعايش مع انفعالات كتاباتك فاجدنى صدقا اشعر احاسيس ابطالك ..دمت رائعا
رنيم مصطفي




أخي أشرف

حينما قرأت عنوان قصتك تصورت أنني ذاهب إلى استراحة من هموم الوطن بقراءة نص خفيف الظل خاصة وقد أسهبت في وصف الشخصية وترددها وحيرتها بين الأمور المتناقضة وكأنك تهئ الجو لمفارقة ما ...لكن المفارقة جاءت على عكس مانتوقع ..فتلك الشخصية بترددها بين الآراء المتعارضة وجدت نفسها تقود نضالاً لم تكن تعلم عنه شيئاً ..هي قيادة بالصدفة ومترددة وليست صاحبة قضية في الأساس ولذلك كان جزاؤها صارماً ليجعلها ترتد عن النضال وتستجدي المسئولين العفو عن زلتها ..وكأنما أردت أن تختصر في هذه الشخصية كل الشعب المتردد والذي لايبني موقفاً ولايعرف مايضره مما ينفعه..سألت نفسي كم مليوناً من الرجال والنساء لدينا ممن هم على شاكلة طنط قشطة ؟..أظنهم كل الشعب ...تحياتي.

د. محمد فؤاد منصور

الأستاذ / اشرف

تحية عاطرة
كتب الأستاذ / انيس منصور فى تعريف البطل جملة واحدة وهى "اذا عرفت بطلا ..عرفت مأساة

واعتقد أن كلمة مأساة هنا معناها تضحية .. سهر ..دماء .. جلد ..مشقة .. صبر ..
أما صاحبتنا فلقد اتبعت نهج "مسك العصا من المنتصف " وحين سقطت لم تجد الا السراب
..
نص ثرى بكل أبعاده ..فيه فضح المنافق ..وتنبيه
الغافل ..وشحذ الهمم

خالص الود والتحية .

ابراهيم عبد المعطى داود

للنجاح وقفات..

لقد حدثتنا عن السيدة قشطة..
تلك التي تحمل قلباً مسكونا بالحب .. تحاصرنا استفهاماتها الثائرة الموجوعة بالتغرب والظلم... ممزوجة عروقها بحب متفرد ..و .. وعد قالته ذات إطلالة إصرار .. أنها سوف تتحدى الألم وتنتصر على مسافات التعب لتبقى سيدة النجاح .. لكنها كي تواجه هزائم دنيا غمرتنا ببريقها لابد أن ترتحل بعيداً تنازل الموج وتخاصم الفشل .. لكي تنجح .. لابد .. أن تفقد ..لا بد.. أن تضحي..

تحدثنا عن الصبر .. وعن ضريبة التفوق .. والطموح .. لقد زادتنا حيرة ولقد جعلتنا نمسك بخيط البداية حيث لا تنتهي الآن ..

في عيونها لا الزوايا هي الزوايا ولا الشوارع هي التي تركتها ... لقد تصلبت أكثر وامتدت ..

وحين أفاقت ذات يوم ونظرت في المرآه سرت بجسدها قشعريره ،، لم تعرف وجهها في المرآه ،، لم تكن ذات المرأه.

رائعة هي كتاباتك.. راقية كرقيك أيها الأديب..


امينه



في لبنان مثل يقول ( أن ماكبرت ما رح تصغر)

في أي مكان يتعرض الانسان فيه للذل والهوان ويعاني من فساد مجتمعه عليه ان يثور
ان يناضل لاجل انسانيته و مستقبل الاجيال التاليه
الصمت لا يجدي ... ولا مزيد لتخسره الشعوب أن استفاقت


اشرف نبوي
.

اسلوب جديد ،،،، رائع وممتع

يحاكي الضمائر ويعاتب الواقع

تحياتي للسيده قشطة
..



لينا عبود

حقيقي قصة رائعة لقد انهمرت دموعي وانا أقرأ كلمات قصتك
وانا على يقين من وجود الألاف مثل طنط قشطة
ولكن
على اختلاف الخاتمة
تقبل مروري
نورا عمار


================================

نموذج لأوضاع مقلوبة في عالمنا ..تصبح المرأة فيه أشد دفاعا حين تعتنق الفكرة وتؤمن بها ..
مضى قطار الزواج ،فهل ياترى راجع لنشاطها ؟؟حتى بعدما انضمت لمجموعة
لم تكن مغرية رغم ماتملك من مقومات تغري برجل وليس أي رجل ..
تلك القشعريرة تؤكد أن المرأة لايمكنها في أي مرحلة من حياتها مهما كانت حركتها
في عالم غير عالم الزوجية والأسرة ، لايمكنها أن تقفز على حاجتها وطبيعتها التي فطرها
الله عليها
.
استثارة ذهنية جاءت صدى ( طنط قشطة ) العمل الأدبي الذي اكتملت سماته الفنية
من القصة القصيرة
.
بارك الله فيك أخي الكريم
.
ودمت معبرا عن واقعنا بهذا الوعي
.
وافر تقديري لك ..

ماجده شحاته

الأخ العزيز أشرف نبوي
رسمك للشخصية بكل تفاصيلها
حتي أحاسيسها ومشاعرها
بدقة عالية ومهارة أحسدك عليها
كل التقدير لك
ودي لك
الصابر أيوب
جميل ماقرأت هنا
شخصية جعلتها حية أمامنا
بكل تفاصيلها وروعتها
شكرا لك استاذ أشرف

السيد عبد الله


ا\أشرف النبوي
ويبدو أنني مهما هممت بالإبتعاد عن كل فنون الأدب أجد شيئا رائعا يعيدني بقوة للقراءة من جديد
..
....
لا أدري دوما قصصك لا تعني شخصا بقدر ماتعني شعبا
تلك البراءة و التلقائية التي يتميز بهم السواد الأعظم من المصريين
هم يكرهون الظلم ولا يفهمون أبعاد القضايا
يشاركون بفطرتهم أولا
يعارضون بفطرتهم
ثم يجدون أن الفطرة ردها المباشر الظلم
لذا بعضهم يبدأ في الفهم
وبعضهم يبدأ في التقوقع
بعضهم يحاول الثأر
وبعضهم يفضل الصمت
...........
طنط قشطة
هي تجسيد رمزي للكثيرون
تجسيد للنقاء الذي يقابل بالوحشية
و من مميزات الظالم أن يستفز المظلوم حتى (يطفح به الكيل)
أرى أنها ميزة رائعة للظالم
حتى يستيقظ الغافل
.
.....
ابداااااااااااع رائع جديد
لا أدري ربما ردي غير منظم
لكنه ما أصدقك فيه
أنه رد من القلب حقا
..
دام تميزك منقطع النظير
مع خالص احترامي وتقديري .

د/ اسماء علي

قصة تنقل لنا صورة حية من احساس مواطن بسيط لا يملك سوى التعبير عن آلامه واوجاعه فى صورة هى ابسط ما يكون حق من حقوقه الإنسانية أمام جبروت الظلم والفساد وهذه الصورة تجسدت فى شخصية (طنط قشطة )
نقلنى قلمك سيدى الفاضل بأسلوب سرد جميل الى تلك الحالة النفسية المتدهورة التى وصلت اليها بعد خروجها من أذمتها ومرورها بأحداث مريرة من انتهاك لكرامتها وابشع ما يمكن ان يتعرض اليه كل من يحاول ان يكون له دور فعال ..لكنها لا تزال صامده مستكملة المسيرة بل وقائدة لها ايضا
أشرف نبوى
لك منى خالص تحياتى وتقديرى لقلمك الرائع ..وفى انتظار المزيد

شاهيناز فواز
هكذا نتحول ، طالما أن النار لم تحرق أصابعنا ولم تمتد إلى شرايين وجداننا ، نبقى سطحيين نحمل الشعارات الوهاجة نتفاخر بها دون حس عميق ، نكسب منها موقفا مزيفا ، ويطالنا الموقف ذات يوم ، نبقى على مفترق طرق أنتابع أم نتراجع ؟
ويبدو أن قشطتنا قد قررت المتابعة وقررت أن معترك الحياة لايكون باللفظ بل بالموقف الحقيقي ، لاتغيير يطال الداخل والخارج إذا لم يتوافق الداخل مع الخارج .
شكرا لقصتك ...وضعت النقاط على الحروف المناسبة ، لم تخطىء التنقيط ...فوصلت القصة إلى مبتغاها .
تحية لك من أكاسيا .

اكاسيا
الفاضل الغالى
أشرف
لحكيك طعم جميل
رغم طول القصة
الا انكى ضمنت لنا المتعة
كانت قصتك
ممتلئة بكل شىء
انسانيتها
وسياستها
وجوها العام
مغرى

" ولذا وجبت التحية
ا/ علاء عيسي
اشرف نبوي
الرائع
...

طنط قشطة / غوص في ماهية الواقع العياني بكل صوره البليدة، والمتاخمة للعيانية اليومية ،مشهد كشفي في طنط قشطة ، قص يعري الواقع بكل توجهاته المعقولة واللامعقولة ، ويبرز النمطية السياسية السائدة منذ امد طويل ، تلك النمطية التي تعيش على الشك والريبة وغرسها في نفوس الكل من اجل تفكيك قوى الشعب واخضاعه ،وكذلك توظيف جمالي للنمط الاجتماعي والوصفي من خلال اللغة السلسلة ،قص يزاحم لحظة بروز صورة التمرد المبدع، كلمات تستبطن فوارا ما بين هي الحلم المتصلة بالذات و ما بين هو القارئ للذات و مابين أنا المرعبة من أثر الرؤيا و مابين النجم الغاية ، الختمة جاءت على وفاق عال مع الواقع ونمط السردية


جوتيار تمر
القصة بالفعل فيها مفارقة لطيفة .. فهذه السيدة صاحبة المواقف الشفوية ، وجدت نفسها في خضم الأحداث .. وكثيرا ما يظن الناس عندما يرون ظلما واقعا على غيرهم .. أنهم خارج الحدث .. لكن ما يلبثوا أن يجدوا أنفسهم في معمعته .
أسلوبك جزل ، ووصفك دقيق وجميل .. ولكن كما قلت سابقا ينقص هذه القصة الحوار .. وكان من الممكن بسهولة أن تضعه بدلا من الاستفاضة في السرد ، وبذلك تقطع على القارئ شروده ، وتعيده لجو القصة .. عند ذلك ستكون القصة أجمل وقد ارتدت ثوبا قشيبا .

فايزه شرف الدين


أخي الحبيب أشرف

ترسم هنا صورة لمواطن ، بسيط محبوب ، بسيط في كل شيء ، عاطفي جميل رقيق ، لكنه كان ضحية للكاذبين ، والإنسان الطيب عندما تلهبه سياط الظلم ينتفض ، بكل ما أوتي من قوة ، وهكذا فعلت بطلة قصتك

لقد أمتعتنا بهذه القصة الهادفة ، التي تضيء من خلالها أضواء الأمل رغم قسوة الجلد والجلاد
بوركت

الشهيد/ عدنان البحيصي
القاص البديع / الاستاذ اشرف نبوى . . .
كل عام وانت بكل الخير . . اسعدتنى بهذا النص الجميل السلس , والذى تنساب تفاصيله انسياب الماء الزلال , وما اسعدنى اكثر اننى تاكدت منه اخيرا ان انه ذهب الزمان الذى يعتاش فيه الاديب من ادبه ؛ اللهم الا اذا قصد بالادب عند العرب ما ذهب اليه بعض الاخوة مؤخرا " تاديب الغلمان " وطبعا غلمان الخليفة لا غلمانى وغلمانك فيكفينا منهم زهونا بحسن طلتهم .

قاسم عزيز
ليست القصّة الأولى التي أقرؤها لك ، سردٌ فيه من البساطة والتمكن الكثير .
أعجبتني القصّة .

ابتسام تريسي
===============================

لا أملك ثانية إلا أن أقول رائع ما خطه قلمك الذي اثار بي الكثير من الذكريات التي أتذكرها الآن واضحك وفرحت بهذا الناشر الذي كان يعطيه بضعة جنيهات ( غيره نشرها على حسابه ولم يتقاضى شيئا رغم نفاذ أعداد الرواية )

حين نملك حلما أولا بنا ألا نضيعه وأن نركض خلفه مهما كلفنا الأمر لكنه أدرك حلمه متأخرا بعد أن بات مكبلا بالمسئوليات

شكرا لك اشرف فلقد أسعدتني بقراءة قصتك الجميلة

رباب كساب
==============================
هذا النص من النصوص القليلة في أدبنا العربي التي تطرح أو تعكس معاناة الكاتب في حصوله على كوة يشرف منها على قليل من الضوء...
سعدت بقراءة قصتك أخي أشرف...

عبد الحميد الغرباوي

الكاتب الرائع
أشرف نبوي

لقد كان سردا رائعا إلى حد كبير
مؤثر.. سلس
تنتقل بالقاريء خطوة خطوه وكأنك تسيره إلى ماتريد .. وقد فعلتها
جمميلة .. قوية .. ومحبوكة جدا
تحياتي لقلمك كنت مبدعا

عائده محمد نادر


النبوي المبدع...

تنهل دائما من المعجم العاطفي الذاتي ، وتحاول من خلاله ان تنثر مفرادته على المحمل العام ، وضمن جغرافية سردية وجدانية ، تستفز الداخل الانساني بشكل واخر ، لتجعل من ردة الفعل الوجداني هذه نقطة انطلاق لك في سطر ماهية الرؤية التي تريد ايصالها للمتلقي ، وكعادتك ، تستحضر جميع الادوات ، من اجل الوصول الى المنشود من الكتابة نفسها ، واراك تستحضر الذاكرة هنا بلطف ، لكنك تسخرها في جو رمزي شفيف ، لتصل بنا الى النقطة التي ايقظت فيك هذا الحافز الوجداني ، وبسبب كثرت التناقضات الحياتية اراك تدور في حقلة ذات شبه فارغة ، لتصطدم بها مرة واخرى ، وهذا ما شتت بعض اناتك الداخلية .
جوتيار تمر

================================
الاستاذ نبوي..
الحدث تحرك بتقنية الاسترجاع..أو الفلاش باك..
كان أثر الصدمة يفعل فعله في تفكيرالبطل..وثنايا الذاكرة..
منذ الاحساس بالتهاوي على الارض حتى النظر إليها وهي قرب السرير..
مسافة ست سنوات كانت كافية لتحيلها الى امرأة مسنة..
الوفاء عنوان العلاقة بينهما..

ياسين بلعباس

دائما في كل قصصك لك مقدرة على السرد عالية جدا .. وتستطيع ببراعة أن تصف ما في داخل النفس من مشاعر .. وهذا يحسب لأي نص لك
.
مع أن الأحداث كثيرة ، وتلخص الحياة لعاطفية لرجل منذ كانت في المراهقة ، وتبلور كنه تلك المشاعر مع كل حقبة في حياته .. إلا أنه كما قال الأخ ياسين .. كانت فلاش باك لرجل فقد من عمره ست سنوات

فايزه شرف الدين



أخي الفاضل الأديب / أشرف نبوي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكانك اخي الكريم تتحدث بلساننا جميعاً

نعيش نفس الوهم بين الحلم والكابوس

لم تعد الموهبة هي الأهم ،بل وكعادته

أصبح هو سيد الموقف .. المال،هذاالوحش

حتى فوز روايته بالمركز الأول لم يشفع له

فظل يترنح تحت وطأة الحلم الوهم.

أجمل ما في قصتك هو هذا التفاوت

بين حلمه وحلمها وهم متجاوران

على فراش واحد ، وهي تحلم بــ

قطعة من قمرها هي لا قمره هو.

تقبل تقديري واحترامي أيها الرائع
حسام القاضي
================================
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سردية رائعة أخذتنا منذ البداية لتحط بنا في نهايتها لنفس النقطة التي بدأها المؤلف حيث لاطموح ... ولا دافع...
لكن أقول أن وراء كل عظيم إمرأة تدفعه للأمام .
وهذا لم يتوافر في هذه الزوجة التي ظهر دورها جليا في القضاء على طموحات الزوج والتهكم والسخرية من قدراته حيث بترت كل أحلامه
وربما تجسدت الحياة بضغوطها في هذه المرأة وهذه رؤية شخصية أخرى للقصة
القاص الرائع / أشرف
قصة رائعة من أكنان الحكمة
رنيم مصطفي


أخي العزيز أشرف نبوي

سعيد بلقائك هاهنا مع نص اجتماعي من طراز خاص يضع الأصبع على مواطن الداء في العلاقات الزوجية التي يقتلها الإعتياد ويحييها القليل من التوابل إذا استخدمت بحذر .. استطعت أن تشد أهتمامنا وتدفعنا للتساؤل عن فحوى ذلك السر الذي باحت به الزوجة لصديق الزوج وهي تقنية اعطت النص جمالاً خاصاً
..
تقبل أرق تحياتي.
د/ محمد فؤاد منصور

===============================



أخى وعزيزى أشرف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سعيد أنا أن وجدتك أخيرا
تذهب دائما إلى تلك المناطق الوعره بعذوبتك المعهوده

العلاقه الأسهل ذات الصعوبة البالغة تلك التى بين الرجل والمرأه
لا أدرى لماذا دائما يتعين على البعض - بل الكثير - اللجوء إلى بعض السيناريوهات لإيقاظ مشاعر الطرف الآخر ؟!

تلك العلاثة
رغم بساطتها ويسرها إلا أنها عادة تحتاج رعايه يغفلها البعض كثيرا

أيا كان الأمر أعادنى نصك الرائع لتلك الحميمية الضائعة .. ونقلنى لأشياء رحلت منى زمنا

دمت بهذا الجمال أيها الصديق
احمد حاتم